أيها الغافل،
إنك لا تُهزم حين تُخذل، ولا تسقط حين تُكسَر،
بل حين تسمح لفكرة واحدة زائفة أن تستقرّ فيك،
فتنخر في يقينك، وتسمّم شعورك، وتعيد تشكيلك من الداخل وأنت لا تشعر.
الفكرة سلاح قاتل،
إمّا أن تملكه بوعي، أو يملكك بجهل.
وما أكثر القتلى الذين يعيشون بيننا، يبتسمون ويتكلمون،
لكنهم ماتوا يوم صدّقوا أن لا جدوى منهم،
أو أنهم أقل مما يستحقون،
أو أن الظلام قدر لا يُبدَّل.
لا تُسلّم زمامك لفكرة دخيلة،
لا تفتح بابك لكل صوتٍ يصرخ فيك،
ولا تجعل من رأسك ساحةً للغزاة،
يدخلونها بأقوال مأثورة، ونصائح مستهلكة،
ثم ينهبون كرامتك باسم "المنطق" أو "الواقع".
الفكرة التي لا تُحسن اختيارها،
ستختارك لتُدمّرك.
ستحوّل خوفك إلى سجن، وذنبك إلى سلسلة،
وذاكرتك إلى مقبرةٍ مليئة بأشباحك القديمة.
هل تظن أن ما تعيشه الآن حقيقياً؟
اسأل أفكارك، لا واقعك.
فالعالم ليس كما هو، بل كما تراه من نافذة رأسك.
وإن كانت النافذة مكسورة.. رأيت الكون كله مائلًا.
أيها المستضعف بفعل أفكاره،
قم، وانفض عنك هذا الغبار.
افضح الفكرة التي تحاصرك، واسألها: "من أين أتيتِ؟"
من التجربة؟ من خوف قديم؟ من صوتٍ لا يشبهك؟
طاردها، حاصرها، واهدمها إن لزم الأمر.
أنت أولى بالبقاء منها.
فما من جحيم أشدّ من عقلٍ يؤمن بكذبة،
وما من نعيم أوسع من ذهنٍ طاهر،
يعرف من هو، ويختار ما يليق به،
ويُحسن غربلة كل ما يُعرض عليه.
تحرّر.
فالفكرة التي لا تحررك، تُدمّرك.
ولا أحد يستحق أن يُعاني صمتًا صنعه في رأسه بيده.
"كُتِب في عقل أحدهم.. فصار قبره."