الأذكياء لا يسكنون العالم، بل يراقبونه من نوافذ عقولهم.
يتوهمون أن الفهم يكفي للنجاة، وأن قراءة الوجوه تحصّنهم من الخذلان.
يربطون كل شيء بخيط منطق دقيق،
كأن الحياة شبكة معقّدة من الأسباب المدروسة، لا هفوة فيها،
لكنهم ينسون أن كثيرًا من البشر يتحركون بدافع اللاشيء.
بدافع الوحدة... أو الغرور... أو خوفٍ لا اسم له.
بدافع خيالٍ سقيم... أو رغبة مُبهمة في أن يُتركوا وشأنهم.
هناك من يَجرح لأن الكلمة أسهل من الصمت،
ومن يَعد لأنه خائف من المواجهة،
ومن يبتعد لأنه عاجز عن القُرب، لا لأنه لا يريد.
الأذكياء الطيبون يتألمون بصمت؛
لأنهم يُعطون معنى لكل حركة، ويَنسجون الأعذار لمن لا يستحق.
يرفعون الناس فوق أقدارهم، ويُثقلون أرواحهم بالتبريرات.
لا يُصدّقون أن هناك من يؤذي بلا قصد، ومن يُحب ويهرب،
ومن يخون وهو يبكي،
ومن يتعثر بالقلوب كأنها حجارة على طريق مهجور.
الذكي الطيب لا يفهم العشوائية،
فهو يَمنح حتى اللا معنى تفسيرًا،
ويُحب حتى المتقلب،
ويعتذر حين يُخدَع،
وكأن ذنبه أنه ظن الجميع يُشبهه.