أُخبئُكَ في قلبي كسرٍّ مقدّس،
كأنّك آخر النبوءات التي لم تتحقق،
وأوّل الوجع الذي لم يشأ أن يُشفى.
ما عرفتك يومًا بيدي،
ولا لمستكَ إلا في خيالي،
لكنّك كنتَ الحضور الأعمق من كل الحاضرين،
كنتَ الملامح التي لا تُنسى،
وأنا الغريبة التي اختبأت في ظلالك،
ترتّق شوقها كلّ ليلة كي لا يفضحها الحنين.
خمس سنين…
والوقت يتكاثر في صدري كغُربة لا نهاية لها،
لا تُقاس بالثواني، بل بعدد المرات التي خذلتني فيها نفسي حين حاولت نسيانك.
أُعالج نفسي منك بي، وأفشل،
وأُربّت على وجعي كأنّه طفل يتيم لا يريد أن ينام.
أتعرف ما يؤلمني؟
أنني أحببتك كما يجب أن يُحبّ الإنسان مرةً واحدة فقط في العمر،
بكل ما فيّ من صدقٍ وجُبن، من دعاءٍ وخوف، من أمومةٍ وأنوثة،
أحببتك وأنا ألوذ إلى الله من ضعفي،
وأحتمي بك منكَ، ومنّي.
أنتَ الغريب الذي صار وطنًا في غيابِه،
والقريب الذي لم يعرف الطريق إلى بابي.
أنتَ وجعي الأليف،
وألفتي التي لا أفرّ منها.
أكتب إليك لا لأعاتبك، بل لأُفرغ قلبي…
أكتب لأنّ الصمت أوجع من كل الكلمات،
ولأنني لم أعُد أحتمل أن أكون الصبورة دائمًا.
فالشوق كالنار، لا تحرق إلا من يكتمها.
أحببتك أكثر مما تحتمل المسافة،
وها أنا…
أرثي قلبي،
وأدفنك فيه كل ليلة،
ثم أعود في الصباح لأوقظك من جديد.