لم يوجعني فُقدك بقدر ما أوجعتني سهولة فقدك لي.
لم أكن أظن أن مَن قلتَ يومًا أنني وطنك،
يُغادرني بلا التفاتة…
ولا حتى عذر.
رحلتَ كأنك كنت تمضي كل يومٍ إلى العدم،
وكأنني لم أكن بيتًا،
ولا راحة،
ولا ظلًا من نار الحياة.
رحلتَ كأنني خيالٌ يمرُّ بك في نومٍ متقطع…
تصحو منه وتمضي، دون أن تُخبرني أنك كنت تحلم فقط.
لم تكن القسوة في كلماتك…
بل في صمتك.
الصمت الذي جاء مدججًا بكل الإجابات المؤلمة،
والذي سُدّت به كلّ الأبواب في وجهي،
ولم يُبقِ لي حتى شقّ نافذة أتنفس منه رجاءً أو سؤالًا.
أتعلم؟
أنا لا أبكي الآن لأنك غبت…
بل لأنني كنت أصدق أنك، حين تغيب،
ستحملك اللهفة إليّ مرة أخرى…
لكنك لم تفعل.
أنا لا أُعاني من غيابك فحسب،
بل من قناعتك العجيبة بأن غيابي عنك لا يُحدث فرقًا.
من يقينك أنني لا أُفتقد،
أنني قابلة للاستبدال،
أن ما بيننا كان مؤقتًا…
وأنا التي وضعت قلبي كله هناك،
بين يديك، دون رهبة، دون قيد.
وليتك قلت…
ليتك جرحتني بالكلمات،
صرخت،
عاتبت،
اتهمتني…
لكنتُ احترمت الحرب،
أما أن تتركني كأنني لم أُولد في حياتك أبدًا،
فهذا طعن لا يُشفى.
وأعرف…
أعرف أنني لا أُنسى،
أنك تُخبئ اسمي في خزانة مغلقة من قلبك،
لكن النسيان لا يحتاج لقرار دائمًا،
يكفي ألا تفتح الخزانة أبدًا.
فأنت نسيت…
رغم أنك لم تنساني.
وأنا…
لن أنسى،
لا لأنني أُحبك،
بل لأنني لم أتعافَ من فكرة أنك أحببتني… ثم مضيت.