الحلقة السادسة
الطريق ...الى الصحة عندما ينتهى العام التدريبي لاي طبيب حديث التخرج , يكون مفترق الطرق , حيث يتعين كل مجموعة فى مكان مختلف , ما بين الجامعة و وزارة الصحة او ربما هيئات اخرى يكون هذا التكليف ...... و من هنا كانت هذه القصة القصيرة الغير واقعية فى احداثها و لكنها واقعية المضمون .....حيث كتبتها ان ذاك واصفا مفترق هذا الطريق !! ( الطريق إلى .....الصحة ! ) كان يوما من أجمل أيام العمر ..... يوم العطاء ....يوم ينال كل من صبر .....يوم حفلة التخرج , و بعد الحفلة توجه الطبيب هانى مرتديا روبه الأسود و غطاء الرأس المميز للخريجين , و توجه إلى أفضل ستوديو بالمدينة . و فى الأستوديو وجه " هانى " تعليماته الطبية للمصور قائلا : عاوز صور تنفع أفيشات أفلام ....بس مش من بتاعة روتانا سينما .....مش ناقصين فضايح ... أنا مش هانى سرحان ! ( إلتقط المصور العديد من الصور ل هانى و كأنه لاعب كمال أجسام أو هتلر أيام الحرب العالمية ) و بعد أن فرغ من صوره , نظر إلى الشهادة بفخر قائلا : الحمد لله ....أخيرا .....يخرب بيتك ....طلعتى عنينا علشان ناخدك ......هو الواحد نظر أهله راح من قليل ! ثم أردف قائلا : كده الواحد ينام و يحلم بإستلامه نيابه فالجامعة ....أنا عارف أخروا ظهور نـتيجتها ليه ....بس يلا يعنى هكون أقل من " راضى " اللى كان دور تانى و خدوه نايب جراحة سنيور لما ملقوش حد يدخلها , و كمان إتعين معيد لما إستقال أغلب النواب ....أكيد يالا يا هانى هتجيلك حاجة تبقى بيها باشا .....باااشااااا. ------------------------------------------------------- و فى اليوم التالى , و أثناء ما كان يشدو العندليب قائلا ( لـــكن سماءك ممطرة و طريقك مسدود مسدود .......يا ولدى ) , يرن جرس الموبايل كأنه هزيم الرعد , و يستمع هانى لمحدثة الذى يقول : معلش يا هانى .... هارد لـــَـك يا حبيبى الجامعة خدت 12 نايب فى كل قسم ....من الأقسام اللى إنت ما كاتبهاش .....و لا قسم من رغباتك خد نــــــــواب ! هانى ( مخاطبا صوت عبدالحليم ) : بااااااس يا عم .....قفلتها .........أهى إتسدت رسمى .....كده الواحد هياخد إستمارة 6 عالصحة.....هه ......صحة و عافية يا خويا . -------------------------------------------------------- ** و فى جلسة مع أصدقاء الكفاح , يسأل هانى أحد أصدقاءه ( من اللى بيعرفوا كل حاجه ....و هما " أجهل من ....دابه" ) = هانى : إيه أخبار نيابات الصحة يا عم ....إنت مش فيه حد من قرايبك بيشتغل " كلب بوليسى " قدام وزارة الصحة . =الصديق : إطمن يابو دم خفيف ....النيابات السنه دى نازله كتيييييير .. ده إحتمال يدو كل واحد 3 تخصصات مع بعض... و الأماكن إنت و راحتك ..... زى ما يعجبك . = هانى : يا سلام .. هو ده الشغل ... كده الواحد يشوف له بلد ساحلى و لا سياحى ..... الحمد لله إن ربنا رحمنى من الجامعة ...أنا إيه اللى عليا إن واحد أكبر منى بسنه ولا إتنين يخلينى أكنس القسم صبح و ليل .... وحضر حالات ....... حضر لستة عمليات ..... حضر ماجستير .... حضر عفاريت . (و تعلن الوزارة عن بدء التقديم عن النيابات الأستثنائية , للأطباء الذين أفنوا حياتهم فى دراسة الطب , و فاتهم قطار الجامعة بمحطات قليلة ) . = هانى يحدث نفسه , أثناء ملأ إستمارة الرغبات : يلا ياعم .... أول رغبة .... مصيف ...يبقى البحر الأحمر ....لزوم الدلع و البحر .....يبقى جلدية ..ثانى رغبة .....برضة مصيف ....إسكندرية ....لزوم الهوا ....تبقى صدرية , ثالث رغبة ......برضه مصيف .......إسماعيلية .....لزوم الشمس .....تبقى شمسية . زميله رادا : إيه يا عم شمسية إيه .....هى كلمات متقاطعة ! هانى : إسكت يا عم إنت مش فاهم حاجة , خليك إنت بس 3 أيام ريف كفر الحداية وتلاته وحدة قرية ميمون باشا القرد ....روح يا عم شوفلك حد يسرح بيك فالموالد . و تمر الأيام ....و فى يوم ما , يسمع هانى صوتا مهللا و مناديا : داكتور هانى .... يا داكتور هانــــــــــى ....يا داكتووووور . مبرووووك ... جواب التعيين وصل .... إيدك عالحلاوة . *هانى مهللا : هييه .... يحيى العدل ... دقوا الشماسى , نيابة المصيف وصلت و ياللـ ـى عــالــتــ ــرعة حــ ـود عـالمــ ــالح , ( و يفتح المظروف متلهفا , و عينى صديقه و صاحب البشرى تنظر بلهفة ) و تظهر علامات الزهول على وجهه , فيسأله صديقه قائلا : هانى ... نيابة إيه .....هانى ....أخبار النيابة إيه؟ هانى مزهولا : دى مش أخبار نيابة .....دى أخبار الحوادث ! و يقفز صاحب البشارة المشؤمة فى الحوار : الحلاوة يا بيه .. أنا مش هاخد أقل من تلاته جنيه , خمسة و سبعين ! . *هانى منفجرا : غور يا بوز الغراب .... يخرب بيتك و بيت جوابك . الفتى : طب إتنين جنيه و ربع ( فيمضى الفتى ساخطا ...., و مهمهماً بكلمات غير مفهومة ) الصديق : إيه يا هانى .....مش بلد مصيف برضه ؟ *هانى : آآآآه.... مصيف رسمى ....و مش أى مصيف ده البحر الأحمر . الصديق : طيب مالك يا عم , مين قدك ! هانى : ما هو مش أى بحر أحمر .... دى الحته المحروقه اللى فيه ... حلاااااااايب حلايب ....أهه ... وحدة حلايب الطبية , نيابة إستثنائية .... نفسية و عصبية , طبعا ما هو لازم تكون كده , يعنى هيجيلى فحلايب جراحة تجميل ! و يلقى هانى الورقة بسخط قائلا : أنا من بكرة هروح الوزارة ....لأ ..أنا أروح أبات قدامها ... أما اشوف إزاى إترميت الرمية السوده دى ... ده أنا جيد جدا مع مرتبة الشرف ...مرتبــــــة , مش مخدة الشرف . أمال لو كنت إنتساب كانو ودونى فين ... بوركينا فاسو . الصديق : لا يا خويا ..أهم كده ودوك بوركينا نفخوا.... أحمدك يا رب على كفر الحداية ...و ربنا يخلى لنا ميمون باشا القرد . ----------------------------------------------------------- * و فى مكتب المسؤل الكبير بالوزارة ( مكتب عليه لافته ... السيد / بخيت أبو البخت – مسؤل كبير قوى ) , بدأ المسؤل الحوار , بطيبة متناهية النظير : خير يا بنى , أءمر , إحنا هنا عشان راحتك ... أءمر , أى خدمة , راحتك أهم ما عندنا , و شعارنا الطبيب أولا هانى : أنا عايز...... المسؤل مقاطعا : عينيه يا بنى , أءمر , خير ...قول ما تخفش . هانى : عايز ....... المسؤل: أنت تأمر .... بس إنت أشر .....و شبيك لبيك ... وزارة الصحة بين إديك .....هاهاهاها نياهاهاهاه . هانى و بصوت منخفض : إيه ده , ياما أنت كريم يا رب , أنا باينلى فى مكتب المصباح السحرى , و ده الحج علاء الدين , ( و يتشجع هانى قائلا : أنا كنت عاوز أغير النيابة بتعتى . المسؤل منقلبا 180 درجة : إيه إيه يا روح أمك . هانى : خير يا فندم , ما إحنا كنا كويسين ... أ ُ مال فين الشعار المسؤل صائحا : شعار إيه يا حبيبى , صحيح شعارنا هو الطبيب أولا .. بس بالنسبه لى أول مين أدوسه بالجزمه هانى خائفا : طب ممكن أعرف أنا ليه روحت حلايب ؟! المسؤل : حاضر يا خويا ....إستنى أما أطلعلك .... هانى مزعورا : إيه ....مطوة ! المسؤل متهكما : لا يا حبيبى .... اللوايح , على الله تعدلك ....ها........ جاوب عالأسئله دى و إنت تعرف س – النوع .... ذكر و لا أنثى ؟ شكلك تدى على ذكر .... إذن زميلتك أولى بمكانك , و مينفعش أودى إنسانة رقيقة مكان نائى , و أسيب خنشور زيك نايم فى بيتهم . س – ليك تجنيد ..... شكلك تنفع شيخ غفر ... إذن مينفعش أديلك مكان حيوى و تسيبه و تروح الجيش . و لا تحب أجيبلك الجيش فى مكانك ؟ و أخيرا , إنت من مواليد 29 فبراير 84 , لو كنت 1 مارس فما بعد كان فيه أمل هانى منفجرا : أ ُمال لو كنت مواليد 11 سبتمبر كنتم وديتونى فين .....دارفور . ( فاصل بموسيقى و أغنية حزينة مناسبه ) ----------------------------------------------------------- * و يمضى هانى إلى قدره , و يصل لحلايب بعد عناء ...و يفاجأ بالعيادة الخارجية للوحدة.....خيمه مرفوعة على قائمين .....و كل شىء فيها على الأرض ... حتى الطبيب ! و كانت تعليمات الوزارة أن يعلن عن الخدمة الطبية دائما و أن تكون بقيمة رمزية , كان الأعلان هو أن يجلس هانى على الأرض مناديا – و أمامه أدواته الطبيه - : يلا قيس ضغطك بنص جنيه .... إعرف نبضك بربع جنيه .... حلل سكر بخمسة و سبعين .... يلا يا كلور . ( هانى مستطردا : كلور إيه يا عم ....ده اللتر بجنيه و نص ) و يدخل عليه شخص مرتديا زى أهل البلده : سلام عليكم يا داكتوور هانى : و عليكم السلام و رحمة الله ... خير يا حج الشخص : الأول نحب نتعرف , هو سيادتك دكتور من بتوع طب و لا بتاع حاجة تانى ؟ هانى متصبرا : لا ياعم ... بتاع طب الصبح , و بعد الضهر صرماتى . خيير ؟ الشخص : و كمان صرماتى ...موهوب والله ... شكلك موهوب , بقى الحكاية يا بيه إنى معايا حبيبى الغالى تعبان فالبيت و كنت عاوزك تشوفه , بقاله 3 أيام لا بياكل و لا بيشرب و كل ما أناديله ما بيرد عليه . هانى : هو عنده كام سنه يا عم الشخص: يعنى ... يوم السوق اللى جاى يقفل 7 شهور هانى : يا عم إنت هتجننى ... 7 شهور إيه و يرد عليك الشخص : يا بيه ده الغالى ده من ساعة ما أشتريته من 5 شهور و هو مالى البيت بصوته الحلو *هانى : لا إله إلا الله , أنتم رجعتم تجارة العبيد تانى , إنت من قبيلة مين يا عم ...بنو قينقاع ! الشخص: يابيه خلينا فى الغالى اللى هيروح منى هانى : اللهم ما طولك يا روح , هو إبنك يعنى الشخص : لا لا لا ... إخص عليك ... ده الغالى اللى كان حامينا و حارسنا . هانى : البواب يعنى ؟! الشخص : يا خى عيب عليك ....لما هو بواب أ ُمال أنا بأشتغل إيه ؟ ده الغالى حبيبى و حبيب العيال , اللى ما يتخير عن جنابك ..... ده شخروم .... الكلب بتاعنا . هانى منفجرا : إطلع بره يا إبن الغالى .... أما أنت راجل ...ولا بلاش بدل ما يعملوهلنا قضية لجؤ سياسى . = و يدخل عليه مريض آخر , يبدو عليه مزيج من علامات الفلسفه و الغباء م بتأنى مستفز : عــــمـــت مساءا يا أخا العرب هانى : أهلا .... أهلا بأهل الجاهلية .... هو الإسلام موصلش عندكم لسه يا عم ولا إيه ؟ خير يا عم الغالى إنت التانى ؟ م : أخوك جهلان الكاتب .... مشرف مشروع نـــ حو الأمية بالقرية . هانى : أم م ... جهلان .... نــحو الأمية ....ماأحنا على إديك رايحين لها صاروخ .......أهلا بأهل العلم و الثقافة. م : و الله يا بيه , المزين كان كاتب لولدى لبوس للحرارة , و نظرا لأنى قارى و عارف خطورة الأدويه على المعدة و الجهاز الــهــ زمى , أنا جاى أستفسر .. هانى : أم م ...المزين و الجهاز الهزمى .....قول يا عم المثقف , قول و قصر م : أه .... السؤال كان إيه .... كان إيه يا جهلان .....أه إفتكرت ... هو اللبوس بيتاخد قبل الأكل و لا بعده , عشان معدة الواد ضعيفة ! هانى ( و يكاد يغشى عليه ) : لأ ... بيتاخد تحت اللسان يا عم أبو جهل .... قوم من وشى بدل ما أولع فيك و فيه و فى الخرابة اللى عاملينهالكم . م بقرف : يا عم روح , والله ما انت فاهم حاجة . أنا أروح للمزين يفهمنى أحسن .... بيجيبوهم منين و يصدعونا بيهم دول . هانى . غوور .....غووور ......إيه ده , والله ما أنا قاعدلكم فيها .... أن شا الله يعدمونى مش يفصلونى . * و يحزم هانى أمتعته , عائدا رأسا إلى مكتب السيد / بخيت و يدخل هانى على الرجل بغضب : المسؤل : أهلا ..هو إنت.. مش برضه دكتور هانى . هانى : ده كان زمان , أنا أسمى دلوقتى مش هانى ... مرمطانى , بهدلانى ...و أدى شعاركم ختم باتا معلم على قفايا . المسؤل : ماشى ....صباح الخير يا سيدى هانى : صباح الزفت , المسؤل : إيه ده يا أفندى .... إنت إتجننت ؟ هانى : أنا أبقى إتجننت لو رجعت هناك تانى . أنا جاى من هنا و مش طالع من غير ما أخد أجازة بمرتب ... أقولك ...بدون مرتب .... إيه رأيك أفصلونى خالص , و كده كده رايح الجيش و هرتاح منكم .... أهه نار الجيش و لا جنة الصحة . المسؤل : يا سلام إنت تأمر .... هدى نفسك .... صحيح ما لكش لزمه .. بس أديك محسوب على أهلك نفر . ( و يأخذ هانى الورقه و يخرج , و يعود معقبا : بالحق يا بيه مين الغبى اللى سماك أبو البخت , كان حقهم يسموك منحوس أبوالنحس ..متعيس أبو التعس المسؤل صائحا : إطلع بره ... ده إحنا مودينك مكان تاكل فيه الشهد ....كشف على إنس .. على حيوان ... على أشتاتا أشتوت ... حد لاقى يخاوى ! ----------------------------------------------------------- و تمر الايام و يدخل هانى الجيش مع دفعته , و تمر أيام مركز التدريب قاسية , إلى أن جاء يوم الترحيل , و أثناء جلوسه مع كام دفعه ... يناجى هانى أحلامه : يــــاه لو الواحد يروح حته مرتاحه .... مش كفاية اللى شافه الواحد فى خراييب .... قصدى حلاييب . ( و يأتى صوت الصول مجلجلا من الخارج : سريه طبية .... إستعد.... إستعد للترحيل.... مخالى شل هانى متلهفا : خير يا فندم طمننى ..... أبشر يا داكتور منك ليه .... رايحين أماكن صحيه هانى : بلاش سيرة صحية و حياة أبوك , أنا كرهت كل حاجه صحية , من أول النيابة لحد كبانيه الصرف الصحى ص: إخرس يا عسكرى ... دا أنت رايح مكان هَــنـَـا .. لا قائد بيروحه ولا تفتيش بيعدى عليه ... و شمس و هوا و طراوه ...ده فيه ناس مش عارفه إن كان تبعنا ولا تبع الجيران ! هانى : إخلص يا عم ....يعنى موديينا دريم لاند ؟ ص : أبشر ...... نقطة حلااااايب الطبية . هانى بهستريا : يا حاتم ..... يا مدحت ...... يا أحمد.... فكرونى بسرعة .... هو اللبوس بيتاخد إيه .... عضل و لا وريـــــد؟؟؟!.........جايـــــــلك يا شخروم يا غــــالى ! د. أحمد مختار أبودهب قسم الأشعة التشخيصية- كلية طب سوهاج