منذ خمسة وخمسين عاما كنت اعمل طبيب امتياز يعني طبيب تحت التدريب والتمرين بمستشفي قصر العيني بالقاهرة 

...

وكلمة امتياز لا تعني اننا ممتازون ولكن كلمة امتياز تعني انفصالنا عن الاطباء المدربين حتي نصبح مثلهم 

...

تماما كما بعث الله الانبياء لتعليم الناس ان الكون له خالق هو الله ولا احد مثله ولا شبيهه 

ومع ذلك يتبعون الشيطان ويعبدون الاصنام لتوصلهم لله ...وتارة يعبدون نبيا ويجعلونه اله او ابن اله...وتارة يعبدون البقر ....وتارة لا يعبدون الله اصلا 

....

لذا يوم القيامة يفصلهم الله (علي جنب) لعقابهم ويقول لهم

(وامتازوا اليوم ايها المجرمون) ٥٩ يس

....

واعود انا لمستشفي القصر العيني فذات ليلة قبل الفجر وانا باستقبال المستشفي احضرت سيارة الاسعاف مريضا كان يحاول الانتحار بسم التوكسافين الذي كان يستعمله الفلاحون للقضاء علي دودة القطن 

....

احتشدنا حول المريض ومعنا مدرس بكلية الطب وبسرعة احضرنا العلاج المضاد للسم عن طريق الفم والمحاليل في الوريد ولكن ملك الموت كان اسرع منا بمراحل 

.....

نظرت الي الشاب العشريني وكدت ابكي عليه وقد اراد الخلاص من حياته لفشله في قصة حب وحاولت اغماض عينيه وقرات الشهادتين هامسا 

...

ودخل علينا مسرعا ومرتبكا احد العمال واخبرنا بوجود حوالي خمسين رجلا مسلحين بالعصي والشوم والسكاكين ان مات مريضهم بين ايدينا 

...

وتفككت مفاصل ايدينا وارجلنا وحدثت اشياء اخري لا داعي لذكرها واتصلنا بادارة المستشفي حتي حضر بوليس النجدة وقوة من الشرطة وخرجنا بمعجزة وتم حجز الجثمان بالمشرحة 

....

وفي الصباح كانت الترجمة لماكان عليه الشاب المسكين 

...

ماذا اصابك تكلم أليس

لك فم ولسان وحنجرة

مال عينيك مفتوحتين لاَخرها

مفتون انت وتهوي المنظرة

ضحكوا عليك مرارا فلا

هي عبلة ولا انت عنترة

وركبت قطارا مغشوشا

بل وضاعت منك التذكرة 

١٩٦٩