آخر الموثقات

  • شيرين وحسام .. علاقة إبداع
  •  العدل ليس مزاجًا ولا انتقائية
  • فؤادة… وعتريس... شيء من العقل
  • أمل مصحوب بالخبل
  • هل يمكن أن نجد أنفسنا في إنسان آخر؟
  • لو يرجع بينا الزمان
  • في عينيك حييت 
  • لِماذا رحلتَ؟
  • المنيو.. لو سمحت 
  • حين تكون العلاقات جرحًا.. وبلسمًا في الوقت نفسه
  • صورنا الرائعة
  • أنثى الغيم
  • مقعد فارغ
  •  حرية الإنسان بين سطوة الخوارزميات ووهم المتعة
  • فلسفة المودة والرحمة - انزع فتيل أعصابك - 
  • لم يكن عنك فقط
  • الرياضيات… عشقٌ لا ينطفئ
  • حرب السودان ...معركة بلا طاولة تفاوض
  • ناس مرهقة
  • المجانون
  1. الرئيسية
  2. مركز التـدوين و التوثيـق ✔
  3. المدونات الموثقة
  4. مدونة عبير عزاوي
  5. صانع الأفلام

ها أنا بعد غياب عشرين سنة أقف وسط دار جدي القديمة، تملأ انفي روائح الياسمين والجوري وزهر الليمون والغاردينيا ؛ تتمايل أشجار الدار وتدفق الفسقية بمائها فيخرخر صوتها متناغما مع دقات قلبي .
ليت جدي يصحو لثانية فألقي عليه الأسئلة التي ظلت تلح ّ علي طوال هذه السنوات العشرين .
في باحة الدار تطوف حولي أخيلة جدتي و أمي، وأسمع طرق خطوات جدي بقدميه الواهنتين على البلاط كل صباح يهمهم قرب باب غرفتي : الصلاة الصلاة ؛ أغطي رأسي كالعادة متجاهلاً النداء ؛ فتنسحب الخطوات وتبتعد صعودا الى غرفته في النصية التي تتوسط البيت تظلل نافذتها عرائش الياسمين وتتطاول جوارها شجرة الكباد بأوراقها الخضراء وثمارها المتدلية كبطون نساء حوامل .
منذ وفاة جدتي توقفنا عن جني ثمار الكباد وصنع المربى اللذيذ الحريف من قشرها . جدتي تجمع ثمار أشجار البيت المشمش والتفاح والأكدنيا وتتحول على يديها الى مربى شهي .كل شيء سكن في هذا البيت بعد رحيلها ؛ صوت المذياع الذي يصدح كل صباح بأغاني فيروز ؛ أو بأغاني الست مساء ؛ وكذلك صوت المذيع الجهوري الذي يلقي بيانات الجيش أيام الحرب التي ذهب إليها والدي ولم يعد حين كنت في الثالثة من عمري ولم أعرف حينها لم انتقلت أمي بعد شهور من غرفتنا لتعيش في غرفة عمي حسان ؛ ثم بعد شهور أخرى لتحضر طفلاً تقربه مني وتقول لي : قبّله هذا أخوك الصغير ؛ لم أحب هذا الأخ ولست أدري لماذا؟!
أقبع في نصية جدي ساعات أراقبه وهو يركب ويفكك آلات لا أعرف ماهي ؛ دولاب متحرك ؛ قطع من أشرطة سوداء تطقطق بين يديه ؛ ثم ينهكني التعب فأغفو عند قائمة الطاولة التي يعمل عليها ؛ يحدثني وأنا أستمع له حتى أغفو . يروي لي الحكايات الغريبة التي أفهم بعضها وأسكت عن بعضها الذي لا أفهمه . / بعد رحيل جدتي دخل في صمته الكببر / .
مربى الكباد أيضاً يذكرني ب / إيلينا / زوجة المسيو كارفن الفرنسي صديق جدي الذي يشترك معه في حب صناعة الأفلام التسجيلية والتوثيقية جمعهما هذا الحب بعد أن عمل والداهما معا أيام احتلال الفرنسيين لدمشق في عشرينيات القرن الماضي ؛ كان والد كارفن مصوراً رافق الجيش الفرنسي ؛ حين التقى بوالد جدي أذهله أنه كان يحسن العمل في لف وتسجيل شرائط الأفلام السينمائية ، كانت مهنة نادرة في ذلك الوقت اكتسبها والد جدي من دراسته لمدة سنتين في إيطاليا ضمن بعثة تعليمية .
اختار والد كارفن أن يسكن بيتاً ملاصقاً لبيت جدي ليكون قريباً من صديقه الفنان وليعيش كل تفاصيل الحارة والمجتمع الدمشقي الدافئة والعميقة ويجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات والحقائق ؛ أحضر عائلته لتسكن معه في بيته الدمشقي.
كان كارفن وجدي بعمرين متقاربين نشأا معا ولازما والديهما واكتسب كل منهما حب تلك المهنة و بعد أن رحلت عائلة كارفن مع الفرنسيين عائدين الى بلادهم ظل الاثنان على تواصل يتبادلان الأفكار عبر رسائل بريدية عرض عليّ المسيو بيير كارفن ( الابن )عدداً منها احتفظ بها بعد وفاة والده منذ سنوات عديدة .
*****
صوت حوقلة عمتي زهرة وهي تخرج من غرفته أيقظتني من شرودي وأنا واقف وراء نافذته ذات الزجاج الملون الذي يحجب عني معظم السرير لكنه يتيح لي رؤية رأسه الأصلع الصغير وجبهته التي بدت لامعة بالعرق تحت مصباح غرفته الخافت .وتمنيت لو أن هذا الرأس المليء بالأفكار يعود الى نشاطه ساعة فقط لأسأله وأعرف كل ما أريد .
. مضت ساعة وأنا أراقب جسده المسجى والظلام حولي يغرق ساحة الدار ولاضوء إلا ذلك الصادر من المصباح الشاحب حيث يرقد جدي هائماً في عوالمه الغامضة . آلمتني ساقاي ؛ حركتهما قليلا ؛ صعدت الدرج الحجري المؤدي إلى غرفة النصية حيث يحتفظ بأفلامه؛ دفعت الباب فصرّ محدثا صوتاً طالما أحببته عندما كنت صغيرا؛ أهرب الى فضاء هذه الغرفة الصغيرة بعيداً عن الضوضاء وأعاود الجلوس أسفل الطاولة الكبيرة أراقبه وهو يقص السلاسل الطويلة للأفلام يلفها على بكرات ضخمة يدون عليها كلمات وأرقام أعرف أنها عناوين الأفلام ونبذة عنها وتاريخ صنعها ..لقد صنع جدي أفلاما عن كل شيء ؛ الحارة والبيوت ؛ الأبنية ؛ الأشجار ؛ الليمون ؛ الناس المساجد؛ القصور ؛ الآثار . وثق بأفلامه تاريخاً كاملاً .
الخزانة الضخمة التي يحتفظ فيها بأفلامه تمتد من الأرضية المبلطة بحجر مربع الشكل صقيل الملمس الى السقف المزين بالصدف والزجاج الملون .وكان مفتاحها كبيراً يحتفظ به معلقا بزاوية الغرفة محاطاً بعدد هائل من الصور التي التقطها لأعماله ؛ وقد غطاه بصورة كبيرة له وللمسيو كارفن بحيث لايظهر مكان المفتاح لأحد غيري كان هذا سرنا نحن الاثنين.
تناولت المفتاح واحتضنته بين كفي ، تذكرت ذلك اليوم الذي كشف لي جدي عن مكان المفتاح
وذلك قبيل سفري مع عمي حسان وأمي وإخوتي ؛ حينها حدثني طويلاً عن والدي وعن الحرب والأفلام؛ ثم أعطاني عنوان كارفن ووالده ؛ كان يعرف عشقي لصنع الأفلام وعرف بحدسه رغبتي..أنا الوحيد الذي شاركته هذا الشغف؛ فعمي حسان وإخوتي منه اختاروا العمل في مجال التجارة وقرر عمي أن نسافر إلى فرنسا ليتمكن من إدارة أعماله التي توسعت كثيرا في أوروبا كلها .
****
هزني صوت عمتي زهرة وهي تصرخ ناحبة ؛ كان الضوء يغمر النصية يبدو أنني غفوت تحت الطاولة مستنداً إلى قائمتها القريبة من الخزانة.. تماما مثلما كنت صغيرا ، انتفضت من مكاني نزلت درج النصية متعثرا ببكاء عمتي المبحوح وهي تتهاوى عند سرير جدي وهو ساكن بوجه متورد رغم أن نبضه توقف إلى الأبد غطيت وجهه وضربات قلبي تكاد تحطم صدري ؛ انهمرت دموع حارة من عيني لم أستطع حبسها تحولت الى مايشبه النشيج ، جلست إلى جانب فراشه أواصل احتضاني ذلك المفتاح وأنا أتذكر نظرات المسيو بيير كارفن وهو يمد أمام عيني شيكاً مفتوحاً مقابل أن أحضر له كل أفلام جدي .

إحصائيات متنوعة مركز التدوين و التوثيق

المدونات العشر الأولى طبقا لنقاط تقييم الأدآء 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية) 

الترتيبالتغيرالكاتبالمدونة
1↓الكاتبمدونة نهلة حمودة
2↓الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب
3↑1الكاتبمدونة محمد شحاتة
4↓-1الكاتبمدونة ياسمين رحمي
5↑1الكاتبمدونة ياسر سلمي
6↓-1الكاتبمدونة اشرف الكرم
7↑2الكاتبمدونة خالد العامري
8↓-1الكاتبمدونة حاتم سلامة
9↑2الكاتبمدونة هند حمدي
10↓-2الكاتبمدونة حنان صلاح الدين
 spacetaor

اگثر عشر مدونات تقدما في الترتيب 

(طبقا لآخر تحديث تم الجمعة الماضية)

#الصعودالكاتبالمدونةالترتيب
1↑70الكاتبمدونة يوستينا الفي133
2↑41الكاتبمدونة هبة محمد204
3↑17الكاتبمدونة رهام معلا168
4↑14الكاتبمدونة آيات القاضي121
5↑13الكاتبمدونة هبة شعبان153
6↑12الكاتبمدونة محمود سليمان (الشيمي)149
7↑9الكاتبمدونة مي القاضي30
8↑9الكاتبمدونة اسماعيل ابو زيد66
9↑9الكاتبمدونة رشا شمس الدين109
10↑9الكاتبمدونة شيماء عبد المقصود171
11↑9الكاتبمدونة طه عبد الوهاب174
 spacetaor

أكثر عشر مدونات تدوينا

#الكاتبالمدونةالتدوينات
1الكاتبمدونة نهلة حمودة1094
2الكاتبمدونة طلبة رضوان769
3الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب700
4الكاتبمدونة ياسر سلمي665
5الكاتبمدونة اشرف الكرم585
6الكاتبمدونة مريم توركان573
7الكاتبمدونة آيه الغمري510
8الكاتبمدونة فاطمة البسريني430
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين419
10الكاتبمدونة شادي الربابعة406

spacetaor

أكثر عشر مدونات قراءة

#الكاتبالمدونةالمشاهدات
1الكاتبمدونة محمد عبد الوهاب343063
2الكاتبمدونة نهلة حمودة200345
3الكاتبمدونة ياسر سلمي187567
4الكاتبمدونة زينب حمدي171422
5الكاتبمدونة اشرف الكرم136148
6الكاتبمدونة مني امين118145
7الكاتبمدونة سمير حماد 111100
8الكاتبمدونة فيروز القطلبي101458
9الكاتبمدونة حنان صلاح الدين98494
10الكاتبمدونة مني العقدة97301

spacetaor

أحدث عشر مدونات إنضماما للمنصة 

#الكاتبالمدونةتاريخ الإنضمام
1الكاتبمدونة يوستينا الفي2025-08-08
2الكاتبمدونة منى كمال2025-07-30
3الكاتبمدونة نهاد كرارة2025-07-27
4الكاتبمدونة محمد بن زيد2025-07-25
5الكاتبمدونة ناهد بدوي2025-07-19
6الكاتبمدونة ثائر دالي2025-07-18
7الكاتبمدونة عطا الله عبد2025-07-02
8الكاتبمدونة نجلاء البحيري2025-07-01
9الكاتبمدونة رهام معلا2025-06-29
10الكاتبمدونة حسين درمشاكي2025-06-28

المتواجدون حالياً

1011 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع