على محطة القطار وقفت تنتظر..
من مكان ما برز لها ذلك الشاب الوسيم ليحييها بابتسامة مشرقة زادت جاذبيته قوة
كأنما هو صديق قديم راح يثرثر معها بلا مقدمات روتينية حول أشياء عدة..، إنها المرة الأولى التي تلقاه فيها وبالرغم من ذلك تتحطم كافة الحدود والرسميات المفترضة في مثل تلك المواقف ..،
تقترح عليه اقتراحاً مجنوناً فيستجيب بمنتهى البساطة والمرونة ..،
يلتقط كفها الصغير ويركض معها عبر طرقات المدينة المزدحمة ..،
الدقائق الأولى من المقابلة الأولى ارتدت بعمرها إلى السادسة أو السابعة عشر
ها هي الوقورة المتحفظة الحازمة ..، تركض في شوارع المدينة كالأطفال الأشقياء ..يخفق قلبها ويحلق بها إلى عالم آخر يعني فقط ( أنا وأنت )
تسلم يديها لشاب تراه للمرة الأولى استطاع تحطيم الثلج الذي غطى مشاعرها وحياتها بلمسات تلقائية بسيطة
هل هي المرة الأولى فعلاً ؟؟ أم انه لها منذ الأزل ؟
أم تراه اعتاد لقاء الفتيات واسمها فقط متمم للمائة أو الألف ؟!
ليس وقت التحليلات ناهيك عن انه لا يمهلها الوقت اللازم للتفكير قبل الرد ..،
مبادر هو وهي - وإن أنكرت - بحاجة لمن يأخذ بدفتها إلى شاطئه الخاص ..،
سمعت في أغوار عقلها الباطن صوت ماجدة الرومي ينشد بعذوبة ذلك البيت من قصيدة أحتاج إليك : في بحر يديك أفتش عنك .. فتحرق أمواجك شمسي !
ياللشعراء .. !
كيف نجحوا في تصوير كل شيء في قصيدة واحدة ..، ؟!
هو بالفعل أشبه بإعصار فاجئها .. إعصار من الرجولة والجاذبية والتلقائية والبساطة ..، إعصار شباب وحيوية وانطلاق يقذف بكل جمود حياتها عرض الحائط
إعصار خاطف انتزعها من مقعدها الساكن لمسرح الحدث يراقصها بمهارة على أنغام تسمعها للمرة الأولي ..ولدهشتها تجدها تجيد الرقص معه وتنتقل بأقدامها نقلات موافقة لنقلاته السريعة المتمكنة
بعض الوقت مر في حديث عادي ثم حياها ورحل ..،
رحل تاركاً إياها تلملم من شتات مشاعرها المبعثرة ..،
هل كان هنا حقاً ؟ هل ما حدث كان حقاً ؟
هل هناك في الدنيا موطناً لمثل تلك السعادة التي عاشتها ؟ أم أنها لحظات نشوة مسروقة من ساعات حرمان طالت ؟!
ليس ثمة قالب معين للقاء كهذا يمكن حشره فيه أو تحجيمه ..، ليس صديقاً ولا حبيباً ولا حتى عابر سبيل
لكنها سعيدة حقاً بهذا الشيء الذي لا اسم له ..،
فيما بعد ربما تجد الوقت لمنطقة الأمر وقص ريش سعادتها لتصبح كالطائر مكسور الأجنحه يقفز على أرض الواقع الأليم الذي يفضي بدورة لاستحالة استمرار شيء كهذا
فيما بعد ربما تكتب أكثر من خاطرة كئيبة محطمة عن قصص لا تكتمل ..،
المهم الان أن تحتضن اليد التي لمسها بحنان وتتنفس فيها من عطره وتلمسها بشفتيها ..ثم تحتضنها وتنام
وغداً يوم آخر ..،،