عندما رأيت حميده لأول مره كانت في بدايه الثلاثينات من عمرها وتبدو عفيه وقويه وبشرتها بيضاء وشعرها اسود فاحم وملامح الجمال تبدو على قسمات وجهها وتقترب كثيرا من ملامح إحدى ممثلات السينما في ذلك الوقت وهي الممثله شويكار وان كانت حميده احلى منها وكانت ترتدي جلابيه بيتي رثه وحافيه القدمين....

ظلت حميده في مهنه ملئ المياه وتوصيلها للبيوت لفتره من الزمن الي ان في احد المرات التوت قدمها تحت جسمها الثقيل فتقطعت اربطه القدم مع الساق ونقلوها الي مستشفى القصر العيني ودخلت في سلسله من العمليات والتي لم تكن ناجحه تماما فخلفت زكه عندما تسير وكانت للتغلب على منظرها وهي تسير ان صغرت خطوتها حتى لا يلاحظ احد تلك الزكه... ولكن أطفال حارتها اكتشفوا هذه الزكه فأطلقوا عليها اسم حميده العرجاء وظلت فتره تلتزم منزلها بدون سند او اهل او مصدر مال تنفق به على أولادها السته وفي تلك الفتره زارتها إحدى صديقاتها  تعمل كومبارس في السينما واوحت لها بأن تعمل معها  وتحت ضغوط الفقر والعوز والحاجه وافقت حميده على مقترح هذه الصديقه الشريره  ولم تعلم حميده ما ينتظرها من هول هذا المقترح..... المهم بعدما شفيت حميده ذهبت مع هذه الصديقه الي ريجستير من اهالي السيده زينب ويقيم في منطقه قلعه الكبش وله مكتب في شارع كلوت بيه وكانت تلك وظيفته المعلنه وللأسف كان له وظيفه اخرى سريه هي قواده النساء وتوريدهم الي العاملين في المجال الفني او غيره وعاينها هذا الريسجتير ووافق على عملها معه  وفعلا اشركها في عده افلام ككومبارس صامت بدون كلام مثل سجانه في سجن نساء او في مشهد خناقه بلدي  وظلت حميده صابره على أمل إسناد دور لها ولو صغيرا في احد الافلام التافهه والتي كانت تسيطر على الساحه في تلك الفتره من الزمن مثل افلام فؤاد المهندس او افلام اسماعيل ياسين الا ان أملها هذا طار في الرياح بعد أن لعب بها القائمين على أمور الفن ثم رموها رمي الكلاب بعد استنفاذ أمالها ومعنوياتها ثم اخيرا جسدها...!!!!

هكذا كانت تدور الأمور في بئر الفن العفن والنجس ومازال الا قليلا ونادرا.....!!!!!!

وعادت حميده خاليه الوفاض من تلك التجربه المريره.. بعدها امتهنت السرقه من زوار مسجد السيده زينب وخاصه ايام الموالد سواء في منطقه السيده او في مناطق اخرى والتي كانت تقام في القاهره وفي أحد المرات التي كنت فيها أزور والدي في محله وتصادف ذلك توقيت الليله الكبيره لمولد السيده زينب رضي الله عنها وارضاها فشاهدت حميده تسحب احد رواد هذا المولد والقادم من الارياف الي احد الحارات المظلمه بميدان السيده وبعد حوالي عشره دقائق رأيت هذا الرجل يجري كالمجنون في الميدان يبحث عنها ولكنها كانت فص ملح وذاب بداخل جموع الحاضرين لهذه المناسبه..

ولكم ان تعلموا يااصدقائي الاحباب ان هذه الموالد التي تقام في جميع أنحاء الدوله ترتكب بداخلها الكثير والكثير من الاثام تحت ستار الدين  مثل تدخين وشرب الحشيش والسرقه وتصل في النهايه الي الدعاره المعلنه ولكم رأيت في حياتي وبحكم نشأتي وسكني في السيده زينب من تلك الاثام والتصرفات التي يشيب لها الولدان ولكم ان تعلموا انه أيضا موجود بداخلها من ينظم تلك الاثام والتصرفات الخارجه عن القانون.... وللأسف الشديد  لا تتدخل الشرطه لايقافها وخاصه ان المنظمون لها معروفين لهم ولنا نحن الاهالي..

اما عن أطفال حميده فقد اطلقتهم في شوارع الحي يتسولون  من الماره وعندما جرت النقود في أيدي هؤلاء الأطفال طفشوا منها وسرحوا في الأرض وغابوا عنها ولم تعرف عنهم شيئا فيما عدا بنت واحده ظلت معها وتشاركها أعمالها الاثمه وفي تلك الأيام قامت هذه البنت بسرقه احد الماره وشعر بها فجري ورائها وأثناء جريها صدمها ترام كان يمر بالميدان وفرمها تحت عجلاته الحديديه....

(انتظروني على مهل لباقي الأحداث)

المجد لجيش مصر... وتحيا مصر الوطن...