يا أبي، أَعلَمُ..
مازالت هناك مهام لم أنجزها، ومشاوير لم أقضها، وأغراض لم أشترِ..
مازالت هناك أكلة مخصوصة طلبتَها ولم أطهها، وخمسينة شاي شحيح السكر لك في ذمتي لم أعقدها.
يا أبي، أَعلَمُ..
أنك ما كلفتني بثقيل التكاليف إلا سكونا إلى إتقاني، واتكاء على راحتي أنها لا تتحقق إلا براحتك.. وأنك ما سكتَّ عن كلمات التدليل إلا خشية اعتيادي عليها وطلبي لها حين لا يسمح لك الزمان بالاستمرار في قولها.. وأنك رغم أربعة عقود تفصل بيني وبينك، كنت تركن إلىَّ كما يركن الطفل إلى جارته الطيبة، أو إلى صديقة أمه، أو معلمته الحنون.. كنتُ أنا ستارك من الزمان.. وكنتَ رخصتي للتباهي بمعجزات السماء.
يا أبي، أَعلَمُ..
كنت تود لو بقيتَ بجواري دون تفعيل الوقت لأدواته القاسية ومرور الأيام.. وكنت أود لو طاوعتك الأيام.
فيا أبي، اعلمْ..
مازال مقعدك الشاغر ممتلئ بك.. وجريدتك تُطبع كل يوم لعينيك.. والأخبار تتري لا تنقطع، عن فتاة فهمت وهي طفلة، وحاولت وهي فتية، واعتصمت بالصبر وهي سيدة عصماء.
يا حبيبي اطمئن.. سرنا محفوظ.
#بنت_جلال
#راقية_جلال_الدويك
بابا ❤️❤️
١٨ يونيو ١٩٤١ / ٢٩ مايو ٢٠٠٩