عندما يجد الإنسان نفسه أمام أزمة حادة ويواجه صعوبة شديدة في الحصول على من يسعفه وينقذه منها، قد يضطر إلى التصرف في بيع أشياء غالية وعزيزة عليه، لم يفكر يوما في الاستغناء عنها، ولكن ظروفه المادية السيئة هي التي دفعته وأرغمته على عرضها للبيع، وهذا ما قد يجعله يقبل بيعها بأي ثمن حتى لو كان بعيداً عن قيمتها الحقيقية، فحالته الصعبة وحاجته إلى المال أجبراه على القبول والاستسلام للبيع، من دون انتظار عروض أخرى، التي كانت كان من الممكن أن تكون أفضل بكثير من المبالغ التي عرضت عليه.
فهناك من يتصيد هذه الأشياء ويبخسها بأقل الأثمان، ويستغل حاجة الناس إلى المال لمصلحته بداعي أنها فرصة قد لا تعوض، من دون مراعاة قيمتها الأصلية أو الحال الصعبة التي يمر بها هذا الإنسان، فعلى سبيل المثال نجد من يتسابق مع الزمن لإنقاذ ابنه أو زوجته أو أي فرد آخر من أفراد عائلته من الموت ومن هلاك المرض، وقد يحتاج المريض إلى إجراء عملية جراحية مكلفة أو معالجته من المرض على المدى الطويل، وهذا بالطبع يحتاج إلى الكثير من المال، وإذا كان هذا الإنسان لا يملك دفع فاتورة المستشفيات أو ثمن الأدوية التي قد تكون مكلفة أيضاً، في هذه الحال قد لا يجد أمامه حلاً آخر سوى التصرف في بيع ما يملك، أو ما يمكن أن يتنازل عنه من أملاكه، وهذا ما قد يجعله يقف أمام أناس لا يقدرون ثمن هذه الأشياء ولا الظروف التي أجبرت صاحبها على بيعها، فقد يكون في أمس الحاجة إلى قيمتها الشرائية من دون إجباره على بيعها بأقل من ثمنها الحقيقي.
فالكثير من الناس يقفون هذا الموقف عند حاجتهم الشديدة إلى المال، فمن يبخس أشياء الناس قد يرزقه الله بمن يبخس أشياءه في يوم من الأيام، قال تعالى في سورة الأعراف (وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ) أَيْ لا يَخُونُوا النَّاس فِي أَمْوَالهمْ وَيَأْخُذُوهَا عَلَى وَجْه الْبَخْس وَهُوَ نَقْص الْمِكْيَال وَالْمِيزَان، كما جاء في تفسير ابن كثير.