بعد وفاة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج أمير المؤمنين علي بن أبي طالب
رضي الله عنه من خولة بنت جعفر بن قيس الحنفيةمن بني حنيفة فولدت له ولداً سمّاه محمداً ، فهو محمد بن علي غير أن الناس أرادوا التفريق بينه وبين ذرية فاطمة رضي الله عنها فسموه محمد بن الحنفية، واشتُهر بها أبداً رضي الله عنه،ولم يكن يكبره أخواه الحسن بنوالحسين رضي الله عنهمابأكثر من عشرةأعوام، ونشأ محمد بن الحنفية نشأة أبيه فروسيةً وبطولة وشدة وشكيمة، فكان أبوه يقحمه في الشدائد والمعارك ...
فقال له بعضهم يوماً : لِمَ يُقحمك أبوك في مواطن لا يُقحم فيها أخويك الحسن والحسين؟
فكان جوابه عجباً من الفصاحة الهاشمية
قال: لأن أخَوَيّ هما عينا أبي وأنا يده ،
فهو يقي عينيه بيديه ....
فتأمل كيف تجاوز حظ نفسه، وكيف فضّل أخويه، وكيف التمس العذر لأبيه، وكيف لم يسقط في فخ النميمة، وتأمل عبارته وإيجازها وإعجازها.ووقع بينه وبين أخيه الحسن خلاف فكتب إليه : أما بعد، فإن الله تعالى فضّلك عليّ ،فأمك فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم، وأمي امرأة من بني حنيفة،
وجدك لأمك رسول الله، وصفوة خلقه وجدي لأمي جعفر بن قيس، فإذا جاءك كتابي هذا فتعال إليّ وصالحني حتى يكون لك الفضل عليَّ في كل شيء).
فلما بلغ كتابه أخاه الحسن رضي الله عنه
بادر إلى بيته وصالحه....
سبحان الله ، ذرية بعضها من بعض، وعجبٌ في التربية،فقد كان فَطِناً إلى درجة أن جعل الفضل كله لأخيه، ولم يبادر هو إلى مصالحة أخيه حتى لا يكون له الفضل عليه، وأعطاه فرصة لذلك، ونبهه على فضل السبق وأدبه هذا ليس مجرد أدب الأخ مع أخيه الأكبر، بل كان أدباً مع حفيد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم،
رضي الله عنه وعن إخوته وكل آل البيت الأطهار، ما تعاقب الليل والنهار،
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين