السلام عليكم و رحمة الله
يضم فريق مانشستر يونايتد الانجليزي لكرة القدم لاعبا فذا يدعي روني ... هذا اللاعب يلعب ايضا مهاجما في انتخب انجلتري ... و هو معشوق لجماهير النادي و المنتخب
هذا الاعب و ( رقم 9 الذي يحصل علي كارت احمر في الصوره اعلاه ) كان بطلا و هدفا للصحافه طوال الايام الماضيه !! ..... ليس لانه سجل هدفا جميلا ... او لأنه فاز مع فريقه في مباراه كاسحه ......
بل لأنه "خائن" !!!:)
و القضيه تتلخص في ان اللاعب "روني" المتزوج .... قام بمواعدة احدي عاهرات الانترنت و اقام معها علاقه جنسية .... و انكشف امر اللاعب .... و اصبح اللاعب علي شفا حفرة من يفقد زوجته و فريقه و جمهوره و محبيه .... لأنه "شخص خائن قليل الادب"
بصفتي سافرت الي بلاد العجم و شاهدت كيف يتعاملون هناك مع الجنس كما يتعاملون مع شرب كأس القهوه .... استغربت كثيرا رد فعل الجمهور الانجليزي و مدرب الفريق و الصحافه الشرس ضد "روني" .... و كل واحد من هؤلاء تتأبط ذراعه صديقه تقضي معه اوقاتا سعيدا بلا قيود .... و عند اول بوادر خلاف ... يبحث عن صديقة جديده تعيش معه كزوجه حتي حين !!!
اخضعت هذه المعادله الي مجال التفكير لديّ و خرجت بالعديد من علامات الاستفهام المتضاربه ... و كيف انهم غاضبون مع انهم لا يخشون عقابا من الله ..... او بمعني ادق ... لا توجد لديهم موانع شرعيه او دينيه تمنع احدا منهم من ممارسة الجنس مع اي احد آخر .... اذا اين المشكله ؟!!!
ربما يمكن ان نتخيل ان المشكله الوحيده هي مشكلة زوجة روني .... و بما انها انثي ... فبالتأكيد هي تشعر بجرح انثوي غائر تجاه رجلها الذي قضي وقتا سعيدا مع أخري .... فهذا شئ يمكن فهمه و تصوره لأنه شئ غريزي عند اي انثي سواء علي الارض او المريخ !
اما الجمهور العريض من الشباب الذي يبيت و يصحو في الجنس ..... فهل هو متعاطف مع زوجة روني مثلا ؟ .... ام انه يكره روني فتعاطف مع زوجته ؟ .... ام ماذا ؟
القضيه يا ساده ... غريبه بعض الشئ ... لكنها بسيطه ايضا .... و بساطتها تضعنا نحن مسلمي هذه الايام في مأزق حقيقي امام انفسنا للأسف الشديد!
الذي اثار غضب انجلتري كلها فوق رأس هذا اللاعب ... هو المعيار الاخلاقي ..... و ليس المعيار الديني .... !!!
كيف ؟
الاخلاق تقول : لا للخيانه .... و الشرع يقول : لا للزني
هناك.... لا ثِقَل يُذكر للشرع .... و لكن هناك ثقل كبير و ضخم للاخلاق ....
لنفهم أكثر ...
الاخلاق هي الارضيه التي يمكن ان تنموا عليها براعم الايمان ..... و عديم الاخلاق لن يروي نبتة الايمان ابدا لان آبآره جافه صدئه
في بلاد العجم .... يعلون شأن الاخلاق كثيرا .... و تصبح المعايير الاخلاقيه .... معايير قانونيه حياتيه معيشيه ..... و يصبح عديم الاخلاق مجرما عتيد الاجرام
فالكذب و النميمة و الخيانه و الرياء و الغش و السرقه ليست علي اجندة المواطن الاوروبي .... و ارتكاب ايا من هذه المخالفات يجعل الشخص موصوما بالعار الاخلاقي .... و مطالبا بالاعتذار و الكفير عن هذه المخالفات (قانونا)
اذا هذا هو السر !!!!.... فالقضيه ليست قضيه زني .... و انما قضيه اخلاقيه و هي الخيانه
انتقلت تلقائيا بالتفكير في ديننا الاسلامي الحنيف ..... و تلمست بعضا من اسسه و قواعده .... و عدت الي الرسول الاعظم و الاكرم ... محمدا صلي الله عليه وسلم .... لأجد ان الله قد وجه له خطابا عظيما مخلدا في القرآن يقول :
بسم الله الرحمن الرحيم
" و انك لعلي خلق عظيم"
صدق الله العظيم
تأملت كثيرا في هذه الايه و هذا الوصف .... و سألت نفسي : لماذا لم يقل الله عز و جل " و انك لعلي ايمان عظيم" مثلا .... فالرسول صلي الله عليه وسلم بلا شك هو اعظم الامة ايمانا بالله و لا نتخيل ان يصل ايمان اتقي الاتقياء في تاريخ المسلمين الي ايمان الرسول صلي الله عليه وسلم .... و لكن الله عز و جل وصفه بانه لعلي خلق عظيم !!
بالعودة الي الوراء قليلا قبل بعثة الرسول ..... كان الرسول الكريم يلقب بالصادق الامين ... و كان مثلا للرجل الخلوق .....
نفهم من هذا .... ان هناك خطوه كبري نحو ان تكون أخي القارئ المتدين : مؤمنا .... و هي ان تكون علي خلق عظيم ... او شبه عظيم .... او معقول "حبتين"
اذا .... و بنص القرآن .... فان الاخلاق تسبق الايمان ... و الايمان لاحق علي حسن الخلق .... و لا يصل الانسان الي مرتبة الايمان الصحيح الا باجتياز خطوة مهمه و هي النجاح في امتحان الاخلاق ....
نظرت الي الواقع الحالي - فصدمني كالعاده - مسوخا لبشر هي ابعد ما تكون عن حُسن الخلق ومكارم الاخلاق ... و لكنها تدَّعي انها "مؤمنه" ...... و "يحسبون انهم يحسنون صنعا" ....
و لأن الشئ بالشئ يذكر فقد قفز الي ذهني في هذه الاثناء .... مقولة الامام الغزالي رحمه الله عندما سافر الي بلاد الغرب :
وجدت هناك اسلاما بلا مسلمين، وأجد هنا مسلمين بلا اسلام
هناك اذا ... اقوام و امم علي الارض تطبق الاسلام تطبيقا عمليا .... لكنها ليست مسلمه ..... و هناك اقوام "مسلمه" لكنها تطبق شيئا آخر هو ابعد ما يكون عن بيانات الديانه في البطاقه الشخصيه
بصارحه .... عندما استمع - بسعاده- الي بيانات الاعداد الهائله التي تدخل في دين الاسلام أفواجا يوميا من ابناء الغرب .... اصبحت لا اتخيل ان الامر كان شاقا او عسيرا علي الدعاه العاملين هناك ليتمكنوا من هدي كل هذه الاعداد الي الاسلام... لان المواطن هناك يعرف اخلاق الاسلام قبل ان يتعرف علي الاسلام نفسه ... و عندما يُعرَض عليه سيجده متوافقا جدا مع اخلاقياته التي تربي عليها ... فيدخل فيه ببساطه و سهوله و يسر
اما - نحن - المسلمين هنا ..... فنحتاج الي جهود كل الدعاه !!! .... ليس لدعوتنا الي الاسلام ..... و انما لدعوتنا الي ان نتمم مكارم الاخلاق ..... فلا ايمان بلا اخلاق .... و ربما العكس صحيح !!
تحياتي العطره