يتردد في الأوساط الوظيفية ما أطلقته إحدى النائبات بما يسمى بتبكير بداية أوقات العمل لتبدأ من الخامسة صباحًا وحتى الثانية عشرة.
ينقسم أهل الوظائف إلى قسمين:
الأول يرى استحالة تطبيق المقترح، وأنه سيظل مقترحًا ولن ينمو عن ذلك إلى طور التنفيذ، ورغم ذلك يعارضه لأسباب أهمها أنه شخصيًا لم يعتد الصحو مبكرًا، وإذا ذهب إلى البيت في الظهيرة فماذا سيفعل باقي اليوم؟
وأظن أن أغلب الرافضين من الرجال لأن يومهم سيصبح أطول في البيت وسيخضعون لمزيد من الطلبات، وسيُطالبون بالمزيد من الحقوق التي تعودوا أن يُلقوا بها كواجبات على زوجاتهم.
بينما القسم الثاني – وأغلبه من النساء – يرين في هذا المقترح نجاةً وإنقاذًا ليومهن المسلوب نصفه في العمل، وربعه في واجبات بعد العودة من العمل، والربع الأخير للقيام بما تسمح به الصحة من فتات من جبل الواجبات الملقى على عاتق المرأة العاملة.
وبصراحة ما يشغلني شيء آخر تمامًا.
وأنا من الفريق الذي يؤيد تطبيق المقترح ولكن ضمن حزمة كاملة من الإجراءات المصاحبة له، فالأمر ليس متوقفًا على تغيير موعد التوقيع في دفتر الحضور والانصراف أو تعديل برمجة أجهزة البصمة لمن يستخدمها من جهات.
يشغلني شخصيًا هاجس آخر:
هل تضمن الدولة حماية النساء العاملات في وقت الخروج إلى العمل في الشتاء؟
حيث تشرق الشمس في ديسمبر في حوالي الساعة ٦:٥٢ دقيقة، أي بعد مواعيد العمل الرسمية "المقترحة" بساعتين.
هل تضمن الدولة حماية للحلوة التي قامت تعجن في البدرية؟ في المواصلات؟ في الشوارع؟ أثناء الظلام؟
هل ستتكفل البلدية بجمع الكلاب الضالة المنتشرة في كل الشوارع والتي يزداد نشاطها الاجتماعي من قبل الفجر وحتى الشروق؟
هل فكرت النائبة التي اقترحت مواعيد العمل أن تصرف للنساء زجاجات من المياه لترطيب أجسادهن وقت الخروج من العمل والشمس عمودية على رؤوسهن؟
هل فكرت سيادتها في صرف منحة sun block شهرية خلال فصلي الصيف والربيع؟
أعيد توضيح موقفي: أنا مع المقترح قلبًا وقالبًا لأن البركة في البكور.
لكن تطبيقه سيحتاج حزمة من الإجراءات التي يجب أن تأخذها الدولة في الاعتبار، حيث عليها إعادة تأهيل الأزواج للبقاء فترة أكبر في البيت مع الأسرة، وعليها إعادة تدريبهم على ضبط النفس مع الأولاد.
وعندها سنغني جميعًا لنمجد الحلوين الذين قاموا ليعجنوا في البدرية مثلما فعل سيد درويش منذ ما يزيد على مائة عام تقريبًا.