تتردد كثيرًا العبارة الشهيرة: "فاقد الشيء لا يعطيه"، حتى أصبحت وكأنها قاعدة لا تحتمل النقاش. لكن الحقيقة أن وراء هذه الجملة مغالطة منطقية وإنسانية في الوقت ذاته.
الفرق كبير بين من فاقد الشيء ومن مفتقده.
الفاقد هو من لم يعرف المعنى أصلًا، لم يختبر التجربة ولم يشعر بها.
أما المفتقد، فهو من عاشها، وذاق جمالها، ثم حُرم منها، لكنه احتفظ بأثرها في داخله.
الذي عرف الحب يومًا، حتى لو فقده، يظل قادرًا على منحه.
ومن تجرّع مرارة القسوة، غالبًا يكون أكثر الناس رحمة.
ومن ذاق الوحدة، يعرف جيدًا كيف يكون سندًا لغيره.
إن الألم لا يسلب الإنسان قدرته على العطاء، بل قد يعمّقها.
فليس صحيحًا أن فاقد الشيء لا يعطيه…
بل ربما من افتقده، يعطيه بنقاءٍ أكبر، لأنه يعرف قيمته جيدًا.