السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ...
كنت في زيارة لنادي سبورتنج السكندري مكلفا - ضمن طاقم حكام - بادارة مبارة كرة يد في دوري كرة اليد المصري - فئة الشباب بين سبورتنج و نادي شبراخيت "البحراوي" الذي انسحب و بالتالي لم تقم المباراة ..
اسغليت وجود احد زملاء الدراسه القدامي ... و الوقت المتاح بعد الغاء المباراة .... في الجلوس مع زميلي و صديقي في احد اركان النادي البديعه مستمتعين بأشعه الشمس ... و ارستقراطيه النادي العريق ....
انضم الينا لاحقا مجموعه من اصدقاء صديقي من بينهم احد المرشحين لمقعد العضويه في انتخابات النادي التي انتهت منذ ايام و فاز برئاسة مجلس ادارته ... السيد لطفي الاحمر
المجموعة التي انضمت الي الطاوله هي نموذج للشباب الارستقراطي المنتمي للطبقات العليا ماديا في المجتمع ... و كنت اخبرتكم سابقا انه من بين هؤلاء الشباب احد المرشحين لمقعد العضويه و كان شابا راقيا و متحضرا و مهندسا ... علما بأنه خسر الانتخابات للاسف بفارق ضئيل ...
مما لفت نظري في اول لقطه ان الشاب الارستقراطي كان صائما ... و كان هذا واضحا عندما طلبنا شيئا نشربه من نادل المكان .... ثم تطور الحديث و تناول جوانب عديده من جوانب الحياة غلب عليها الطابع الاجتماعي حيث كان كل من يجلس علي الطاوله يبحث عن "عروسه" :)
المهم ... ان المجموعه كانت جد محترمه ... جد متدينه ... و هذا كان يتعارض مع موروث ثقافي قديم كان يؤصل مبدأ غريبا و هو ان كل قائد سياره مرسيدس "حرامي" !!!!! :)
لا تبتسموا ... فهذا القول كنت اسمعه من نفر غير قليل من البشر ... ان كل ثري "حرامي" ... و هذه الصفه اساسيه في كل ثري .... ثم زد علي ذلك ان هذا الغني شخص مستهتر ... و شخص غير متدين ... و سكير و رعديد ... و زير نساء ... :confused:
طبعا ... هذا ليس كلاما معقولا و لا منطقيا .... فلا يمكن التعميم و لا التخصيص ... فالغني والفقر ابتلاء.... و التدين و اعلاء شأن القيم و الاخلاق لا يتناسب طرديا و لا عكسيا مع مقدار ما في جيبك من نقود ...
علما بأن الطبقات الغنيه .... و في كثير مؤسفة من الاحيان ... يبالغون في مظاهر حياة الاستهتار بالقيم و الاعراف المجتمعيه المعروفه فيعطون صوره سلبيه تلتصق في الاذهان فتعمق الموروث الثقافي البالي الذي حدثتكم عنه ... و بكل تأكيد .. اكرر ... هذا ليس تخصيصا و لا تعميما
و عن مصادر اموال الاغنياء ... فهناك اغنياء شرفاء و مصادر اموالهم من اعمالهم التجاريه معروفه و منطقيه... و منهم من ورث مصنعا و منهم من كان يملك اصولا ساعدته علي الانطلاق ... و هناك طبقات اخري من الاغنياء ... لا تعرف لاموالهم مصدرا ... و يخرج تاريخهم الوظيفي لك لسانه معلنا ان هناك شيئا ما ... فلا تفكر كثيرا !!! فلن تصل لاي اسباب منطقيه في هذا الثراء الفاحش ...
ناهيك عن تجار المخدرات و السلاح الخ .. من المحسوبين علي طبقات الاغنياء
اذا ... لا تعميم و لا تخصيص ...
في نفس اليوم ... كنت انتظر الباص في منطقة قريبة من محطة الاسكندريه للقطارات و المعروفه اصطلاحيا "بمحطة مصر" ..... و لان الباص هو الآخر قد تأخر فقد اخذت اتأمل البشر في تلك البقعة التي ساقتني الاقدار اليها لانتظر فيها "الاتوبيس" ...
المنطقه كانت تعج بفئه من الباعه الجوالين و مظاهر الفقر بادية بعمق و قوه عليهم ..... و لكن مظاهر الانحطاط الاخلاقي تبدو اكثر وضوحا و عمقا علي هؤلاء البشر ... لدرجة اني - اثناء انتظاري - تابعت مشاجره عنيفه بين طرفين ... لم اتخيل اني في يوم من الايام سأشهد مثل هذه المشاجره
فتاه سمراء تتقاتل مع شاب .... و الذهول كان من نصيبي و انا اشاهد تلك الفتاه و هي التي تبادر بالهجوم علي الشاب و تمسك بشفره حاده و يخرج من فمها ما لذ و طاب من المصطلحات البذيئه و التي لا يمكنك ان تسمعها كلها بهذا الشكل الا في حصه مركزه من حصص الانحطاط الاخلاقي ... ناهيك عن الشاب الذي كان في نفس مستوي زميلته و لكنها كانت اكثر تفوقا في التحصيل اللا اخلاقي ...
اخذ عقلي يتفكر في امر هذه الفتاه ... هل هي انثي ... هل هي تحمل مشاعر انثي ... هل هي تحلم بان تعيش كأنثي ... هل تحلم بالحب ... هل تحلم بالامومه .... ام ان بيئتها المنحطه اطاحت بكل ما هو منطقي و غير منطقي ... و كذا هذا الشاب الذي يدخل "زنقا و بالعافيه" في قائمة الرجال ... ماذا يخطط لمستقبله ... اذا كان يعرف ما معني المستقبل؟!!!
و لكن بعد ان عجز عقلي عن ايجاد اجابه اتساؤلاتي ... اخذ عقلي اسئله اخري من نوع ... هل هؤلاء تربوا بين احضان أب و أم .... هل وجدوا رعايه من اي نوع .... هل ذهبوا الي مدرسه ... هل اكلوا .. هل شربوا ....... اذن هم ضحايا ظروف مركبه ليس لنا قبل بها
سمعت همهمات من الجمهور الذي كان يفصل بين المصارع و المصارعه ... بأن هؤلاء قوم ُ غلابه !!! ... اي فقراء ... فتعجبت من الوصف و استفزني جدا ... فمتي كان الفقر ملتصقا بهذا المستوي من التدني الاخلاقي و البيئي .... انه حتما شيئا ليس له علاقه بالفقر ... او قل بان الفقر ربما يكون احد المقدمات او المسببات .... لكنه لا يمكن بأي حال من الاحوال ان يكون معشر الفقراء هم معشر المنحطين .... فأنا من الفقراء و ربما تكون انت - اخي القارئ - من الفقراء مثلي .... لكنك لست من قاع المدينه .... مع التسليم بان هؤلاء القوم (المتشاجرون) ضحايا ظروف مركبه افرزت هذا النسل السئ ... عافانا و عافاكم الله
اذا ... فلتنهار كل الموروثات القديمه العقيمه التي تتحدث عن ان الغني تلتصق به صفات كذا و كذا و الفقير تلتصق به ايضا صفات كذا و كذا .... فقاع المدينة يضم الفريقين ... و ايضا قمة المجتمع هي مزيج من الثنائي .... و صفوف المصلين في المسجد .... تتكون من مزيج من كل هذه الاصناف و الانواع ....
في النهايه ... الغني و الفقر ابتلاء .... و من احسنكم من نجح في اختبار الله ....
تحياتي
:)