والصلاة والسلام على خاتم النبيين
سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد
فبدايه: كنت أنوى منذ فتره وقبل أن اضع بين ايديكم هذه القصه أن احكى لكم حكايه متعلقه بها ولكن ولأنه قد سبق السيف العزل وقمت بعرضها سابقا فى المسابقه الخاصه بالقصه القصيرة ولم يكن مهما المنافسه أو الفوز فقط ضيق الوقت والظروف!
فلم يعد هذا مهما الآن
عامة ارجوا ان تعجبكم القصه واشكر من سبق وصوت لها ومن لم يصوت لها أيضا
فمن صوت رأى فيها ما يميزها عن غيرها !!
وأنا عن نفسى وبكل صراحه رأيت غيرها افضل منها!!
انتظر تقييمكم
((ورد النيل))
حملت صنارتي وخرجت أمارس هوايتي..على ضفة النيل كعادتي كل عصر
,فهو لا يبتعد كثيرا عن بيتنا بل يكاد يكون ملاصق له .
وهناك جلست.. وانتظرت ...ولا سمكه واحده حتى !!.
مالت الشمس إلى المغيب و بدأ الممل يتسرب إلى نفسي هل هجرت الأسماك هذه البقعة ربما هو غلاء المعيشة!!.حتى الأسماك فالماء لم تسلم !!
اقترب سرب من ورد النيل باتجاهي في تحفز واتخذ تشكيل منتظم وحول الخيط
خيط الستارة التفت مجموعه منها في دائرة تكاد تكون منتظمة ..كان منظرها جميلا
ظللت أتابعها ببصري وهى تغير أوضاعها حسب تيار الماء فبدت كراقصات الباليه أو ربما هو عرض عسكري مع الفارق بينهما !!
لقد انتشر ورد النيل بكثرة في الأعوام الأخيرة , لقد رأيت بالأمس سربا أكبر من هذا وقد غطى مساحة كبيره من صفحة الماء حتى ليظنها الرائي من بعيد أرضا نضره!
أفقت من أفكاري على تلك اللوحة الرائعة ولا زلت ممسكا بصنارتي ,وقد اختنقت آخر أنفاس الشمس ,وأنا ارقبه- ورد النيل- وهو يتحرك ويتخذ شكله النهائي الذي بدا كالهرم !!
ووقف رأسه أعنى النبات الذي فالمقدمة . وقف ووقف الجميع خلفه !!
و ناداني وهو يشير لي بإصبعه !! اقسم انه فعل!! لقد تحدث!! لقد سمعته!!
: اسمع أيها البشرى
فأسقط في يدي فلم استطع حراكا أو فكاكا
فأردف قائلا : لقد لوثتم النيل بأفعالكم فهذا يتبول وذلك يقضى حاجته وتلك تلقى بمائها الفاسد فيه وليس هذا فحسب بل إن سفنكم التي تعيث فسادنا في مائنا تلقى بفضلاتها وقماماتها علنا وجهرا في مياهه ,ناهيك عن جثث الحيوانات العائمة وفضلات الرحلات النيلية وكأنه لا يصح أن تكون الرحلة رحلة دون أن يلطخ وجه النيل وما زاد الطين بله السموم التي تلقونها فيه
من نواتج المصانع وربما الصرف الصحي أيضا
مهلا أيها البشر.. يا أبناء هذا الجيل الذي لا يعرف قيمة هذا النيل
مهلا لقد بلغ السيل الذبى ولقد فاض الكيل بالنيل ولقد أرسلني..
كانت كلماته سريعة متلاحقة دون توقف
فقاطعته : أرسلك أنت!؟....النيل أرسلك أنت!؟
: ولم لا؟ هل أبدو لك تافها حقيرا !؟
هل تبدو لك كل هذه الجموع الثائرة تافهة حقيرة!؟
ألا تعتقد أنها تستطيع أن تعيق الملاحة النهرية ألستم تتهموننا بهذا ؟
بل والأدهى أنكم تتهموننا بأننا نمتص كميه كبيره من مائه وكأن هذا الماء حق لكم فقط
وانتم انتم تهدرونه ولا تعرفون قيمته إياك إياك أن تعترض
- أنا لم اعترض يا سيدي ولكن ما شأني أنا بهذا
فأخذ يدور في الماء وقد عقف يديه خلف ظهره (لو كان لديه شيئا كهذا )
ثم تكلم : صحيح ما شأنك أنت بذلك!
: آه لقد تذكرت لقد أرسلني النيل باعتباري ممثلا لبنى جنسي من ورد النيل
وباعتبارنا نحن ورد النيل احد الشعوب الصديق القليلة له إلى أبناء هذا الوادي وسكان تلك الضفاف لأحذركم وأنذركم فإما التوقيع...
فقاطعته : توقيع ماذا؟
: معاهده الصلح بينكم وبين النيل !!
وهذا نصها ..فقطع وريقه من جذوره وفرها
: " بسم الله الذي اوجدنى وعلى هذه الأرض سيرني
من النيل الذي وهب الله به الحياة إلى جيرانه الذين لم يحسنوا الجيرة ولم يرعوا حقوقها, فلقد أمددتكم بدمى ومن جسدي تركتم تحفرون الترع والقنوات ومن عروقي رويتها فنمت بها زرعوكم التي منها تطعمون ومن مائي تشربون
وتركتم تبنون السدود والكباري فما اعترضت طالما سيعود كل هذا عليكم بالنفع
فلم أجد منكم إلا منكرا ولم ألق إلا مستنكرا فارحموني يرحمكم الله وكفوا عنى أذاكم وفضلاتكم التي تبصقونها في وجهي ليل نهار فلقد طال بل الأجل وقصر بى الأمل ولم يتبق من عمري الطويل إلا أمد قصير
فإما السلام وإما.... "
أطبق رسالته والجموع خلفه تزأر: الحرب الحرب
فأردف قائلا: لم أجد غيرك في هذه الساعة فرجائي أن تبلغ هذه الرسالة إلى كل بني جنسك وإلا فستكون حربا شعواء بينكم وبين الماء!!.
أفقت من ذهولي وتأملي, كان الظلام قد استولى على كل النقاط الحصينة في عيني الوجود ولم يعد للنهار فيها من مكان
جذبت صنارتي وكانت قد اشتبكت مع نبات ورد النيل, خشيت أن ألمسها فأسرعت عائذا للمنزل وألقيتها خارجا.
كنت أتناول عشائي ولازلت مشدوها لا أدرى أوهماَ كان هذا أم حقيقة !؟
وفى الصباح أمسكت الصنارة, كانت خاليه تمام من الأعشاب التي جفت ماعدا وريقه صغيره من نبات ورد النيل !!
كنت أطالع الجرائد فلفت انتباهي خبر صغير عن ارتفاع منسوب المياه أمام بحيرة السد العالي بصورة كبيرة تحدث لأول مرة منذ أكثر من نصف قرن!!.