قرأنا جميعا عن واقعة الحوار الذي دار بين "طالب طب الأسنان" وهو مصري مسيحي، وصديقه المصري المسلم على منصة التواصل الاجتماعي "واتساب" وما دار بينهما من مناقشات حول العقيدة الإسلامية والمسيحية، ونشر ذلك فيما بعد على "الفيسبوك" لإثارة الرأي العام، وتأجيج الناس.
وابتداءً، فلقد عايشنا أحداثًا من ذلك النوع كثير منذ عقود، حاول فيها مثيري الفتن النيل من استقرار مصر عبر استفزاز المشاعر الدينية بين المسلمين والأخوة المسيحيين ولم تُفلح تلك المحاولات على مر الأزمان،
وأذكر أحداث الزاوية الحمراء في سبعينيات القرن العشرين في عهد الرئيس الراحل السادات، وما استتبعها من نتائج سلبية تم احتوائها بعد خسائر نفسية بين الجانبين -المسلمين والمسيحيين- ومرورًا بأحداثٍ عديدة، إلى أن وصلنا إلى واقعة "طالب طب الأسنان" حاليًا وما ينتج عنها من ضغائن نفسية بين الجانبين.
ولاشك أن مصرنا مستهدفة بشتى أنواع الاستهداف، حيث أن لدى أصحاب المؤامرات في الخارج والداخل سؤال يكيدهم، وهو "لماذا لم تسقط مصر إلى الآن،؟؟" رغم سقوط الدول التي حولنا بشكل متسارع، ولذلك سيستمر أصحاب هذا السؤال على طريق إسقاط مصر الوطن وإثنائها عن طريق التنمية والتطوير،
وذلك بمحاولات الدفع بها إلى الاضطرابات والعراك الفكري أو الواقعي على الأرض وأول ما يهدفون إليه هو الفتنة بين المسلم والمسيحي على أي سببٍ كان.
وما وقائع حوار هذا "الطالب" عن كل ذلك ببعيد،
فلقد لاحظت دفعًا بأيدي خفية لتحويل الموضوع إلى شيء كبير، بالنفخ فيه لتعظيمه لدي الجانبين المسلم والمسيحي، كي تبدأ سلسلة الاستفزاز الجماعي والاحتقان النفسي للجانبين، على واقعة تحدث بين أي اثنين على عقيدتين مختلفتين في أي بقعة من بقاع العالم.
والذي أرصده هو سرعة نشر هذا الأمر ليصل إلى الشباب الصغير الذي يعتبر مادة ملتهبةِ الأفكار والمشاعر، مع افتقاره إلى النضج اللازم في الحوار الذي يختص بالعقيدة الدينية، ولذلك فهؤلاء الشباب الصغير هم الشريحة المستهدفة لإشعال الفتنة الطائفية حتى لو على مستوى الفتنة النفسية الغير ظاهرة بين الطرفين لكنها سوف تكون مؤثرة في المستقبل.
والذي أدعو إليه شبابنا من الطرفين هو:
١. ترك حوارات العقيدة أيًا ما كانت، والاكتفاء بالاقتناع بأن هناك لدى العلماء والمتخصصين ردود علمية وروحية، ترد على أي تساؤل أو استفسار يُطرح أثناء أي حوار، وأنه ليس على الشاب أن يجيب على تلك التساؤلات حيث أنه ليس متخصص في العلوم الدينية.
٢. عليه أن يوقف أي حوارٍ عقدي يخص الدين مع طرف يعتنق ديانة أخرى، لأن تلك النقاشات تكون من غير ذوي علم، وبالتالي تنتهي حتمًا إلى الفشل والإساءة.
٣. أن نعي تمامًا بأن تعظيم أي إساءة دينية بنشرها وتوزيعها، هو لعب بالنار التي بالتالي ستحرق من يقوم بتعظيمها.
٤. إن ما يدور في حوارٍ خاص، لا يجب أبدًا نشره على العام، لأن الذي ينشر ما جاء بالخاص هو شريكٌ أصيل في انتشار ما قام بنشره، بما فيه الإساءة إن وجدت.
وعلينا جميعًا أن ننتبه إلى أن مصرنا في حالة عراك مستمر لدفع المؤامرات المستمرة والتي من بينها إثارة الفتن الطائفية حتى لو على المستوى النفسي، وأن علينا كمصريين الترفع فوق أي كلمات أو موضوعات قد يتناقلها البعض مما قد تتسبب في إثارة النفوس وتأجيج المشاعر.