خيالات
احساس حين نسمع رنين التليفون ، خبطات بائع الانابيب ، اصوات السيارات ، صوت كاسيت الجيران ... معذرة ساوند كمبيوتر الجيران ، صراخ ونداءات الباعة الجائلين بالخضار والفاكهة ، احيانا كثيرة احس بخبط مفتاح بائع الانابيب وكأنه يخبط في راسي ، وكذلك كل الاصوات والصراخات والنداءات تخترق الاذن لتحدث تلفيات كبيرة بها ويظل العقل موجوع بصداع لا ينتهي من وقت الاستيقاظ حتى المنام اذا جاء النوم !!
احببت ما يحكي لي عن عدم وجود تكنولوجيا العصر الحديث فيما مضى من ايام على ابائنا وامهاتنا واجدادنا .... عدم وجود ما يشغل افراد الاسرة الواحدة عن بعضها البعض لا يوجد كاسيت ،و لا تلفزيون ، ولا دش ولاكمبيوتر ولا نت ......
والا اي من تكنولوجيا عصرنا الحديث يشغل احد عن الاخر وتجلس الاسرة اكبر وقت ممكن مع بعضهم البعض يتحاورون ، يتناقشون ، يختلفون ثم يعودوا يتفقوا على امر واحد .
وكان هناك متسع من الوقت يذهبون لزيارات الاقارب والجيران يتسامرون على بعض الشاي والحكايات الظريفة وايضا لحل بعض المشكلات التي تواجهه اي من محيط العائلة والجيران والاقارب ، وعندما بداء أول شراء للتلفزيون في بيت احد الجيران اصبح التجمع هناك ولكن قل الكلام بينهم واصبح التجمع للمشاهدة وبدات أواصر الترابط في التفكك بعدما حاول كل بيت ان يكون له تلفزيون ، ثم غسالة فول اتوماتيك ، ثم دش ، ثم كمبيوتر ، ثم نت ، ثم تلفون محمول ثم ..... ثم ...
حتى اصبح من كل ثم قطعتين في البيت الواحد .
واصبح الذهن مشغول دائما برنة التليفون التي ستاتي او المكالمة التي حان وقت اجراها ، ورسالة الايميل لمن سترسل وما فحواها ، والمسلسل القادم على قناة .... وقناة ... وقناة .... والفيلم العربي والفيلم الاجنبي والهندي ..... والبرنامج الحواري ، والبرنامج الاخباري ، والبرنامج الترفيهي ، ومبارة الدوري الانجليزي والبرازيلي .........
اصبح كل فرد مشغول بما يشغله مع اختلاف الانشغالات وعانيت من هذا الصخب وهذه الوحدة رغم وجود الاسرة والعائلة ثم جاءت الثورة واصبحت اهرب حين سماع من يتحدث في السياسةوالمظاهرات والقتل والدم ، السرقة والخطف ، والمؤتمر واللجنة ، ودستور وقانون ، ومحاكمة وفساد ، وارهاب وفتنه ، وحتى الهروب حين سماع ان الشيخ الفلان قال والدكتور فلان صرح والمذيع اذاع والفنان ابدع والرسام نسج لوحته وووووو اصبح الهروب من عدم السماع لما هو صحيح و خطأ محاولة مني لجعل الذهن صافيا
وعندما ذهبت للعمل اليوم رايت اصدقاء العمل يتكلمون فذهبت مسرعا الى مكاني في العمل وجلست اكتب هذه الخاطرة ثم ثم رن التليفون الداخلي ففزعت وتركت ما اكتب من خيالات مريض نفسي !!