إلهي.. سيدي.. مولاي
اللهم اجعلني عوادًا بالتوبة، عوادًا بالأوبة، عوادًا بالإنابة، محشورًا في زمرة المصطفين من عبادك، ممن قلت فيهم: (نعم العبد إنه أواب)، معروفًا لأهل السماء، مذكورًا في الملأ الأعلى، تباهي بصوته الذاكر الشاكر ملائكتك، غريبًا في أهل الأرض؛ حتى أتذوق طعم طوبى، وأشهد نعيم الغرباء، مارًا بالحياة عابر سبيل، يعرفه التراب والهواء بصدى صوته الذي يعرج إلى سماواتك في كل دعاء.
اللهم اجعلني من عبادك القليل، الذين رفعت ذكرهم في كتابك.
سيدي.. مولاي..
عرفتك جبارًا، يَجبرني ويُجْبِرني، يجبرني إذا حل بي الكسر، ويُجْبِرني إذا شردت نفسي بعيدًا؛ فيأخذ بناصية قلبي الآبق إليه بعصا التأديب؛ ليربيه، ويعلمه، ويرده إليه ردًا جميلًا شاء أم أبى.. سبحانك ربي ما أعظمك!
عرفتك لطيفًا، فما نزلت بي نازلة، ولا مرّ على فكري أمر، ولا أحاط بي السوء، إلا ولطفك إليَّ سباقًا قبل أن يمس خاطري طائف من الحزن!
وكيف لا؟!، سبحانك خلقتني بيديك، فأنت أولى بعبدك من العالم أجمع، وكيف لخاطري أن يهون عندك، وأنت ربي، الذي خلقني، وسواني، وصنعني.. كيف؟
الحزن في معيتك منتهى النعيم، والكسر في جوارك عز، والمحنة في قربك منحة، والبلايا في لطفك عطايا، والعافية في الأنس بك أمان واطمئنان وفضل وإحسان.
عرفتك مجيبًا، فما قصدت إلا بابك، ونفضت يدي من الدنيا والناس، وسبق يقيني بك وحسن ظني كل شئ، فحاشاك ربي أن ترد دعائي.
ربي.. سيدي.. مولاي..
هذه نفسي التائهة في أغوار الدنيا، وقلبي الممزع الذي طحنته رحى الحياة، قد صار مرتعًا للأحزان، تتكاثر فيه الآلام، وتعوي فيه الأوهام، وتتلاعب به المحن، وتخنقه البلايا، لولا طوق النجاة، والحبل الممدود من سماوات رحماتك، والإكسير الذي نرشفه فنحيا، الترياق المبعوث من قرآنك وكلامك؛ لهلك ذاك القلب، وضل سعيه، واختل اتزانه..
اللهم صبرًا وقوة وجبرًا تصبهم على قلبي مثلما تفضلت على آسيا وأريتها مقعدها في الجنة فاجعلني اللهم في الجنة رفيقتها.
اللهم يقينًا مثل يقين أم موسى حين أصبح قلبها فارغًا من كل شئ إلا من موسى حتى كادت أن تبدي به، فاربط اللهم على قلبي مثلما ربطت على قلبها.
اللهم سعيًا، وجهادًا، وإيمانًا، وتسليمًا، وجنة، مثلما أكرمت مريم عليها السلام حين مس قلبها القنوط واعتراها الوجع واليأس.
وسأظل أنا أنا.. العبد الخطاء، العواد بالذنب، وتظل أنت أنت الرب العواد باللطف والمغفرة.