نفحات رحمة، ومنح ربانية، ورسل لطف؛ لتحياها، وتنفث غبار الوحشة عن نفسك،

لا لتجعلها ومضات برق خاطفة في جنبات قلبك، أو شمعة خافتة في مسرح مظلم تشق متاهات نفسك كلما أثقلتك الحياة بأنين واهن، ثم تنبش بين الحين والآخر في جعبة الذكريات، وتلقي بقلبك على أطلالها وتبكي البدايات وتنعي النهايات!

البدايات هبة ربانية، وهدايا القدر إذا أتتك راغبة؛ فدقت طبول الشغف بقلبك، فأحسن استقبال النعم وإكرامها؛ لتبقى، وأفسح الطريق لمزاعمك المريبة حتى تتبخر، فالمحن التي تطرأ على أي صلة هي ضيوف الله في أرضه المرسلون بجند البلايا لتمحيص أي علاقة والتمكين لك في أرضها!

فأنت في (دنيا) أقيمت على الابتلاء، الذي هو سنة الله في أرضه، ولست على وسائد الجنة تنعم، وبين ورودها تغفو؛ فإذا كانت البشرية كلها تذم النهايات، وتلوم البدايات، وترفع راية الندم.. فمن المذنب إذًا؟!

لِمَ لا نحترم الصلات ونتعهدها بالرعاية والقيام؟

ولِمَ لا نقدر الوسع والاحتمال، فلكل إنسان طاقته واحتماله ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها؟

لِمَ لا نقف عند نقطة البداية طالما لا نستطيع الالتزام والوفاء؟

إذا أردت دنياك جنة قبل أن يثبت قلبك على أشواكها ليتذوق طعم الوصول، فابحث عن دنيا لم تُكتب لها الحياة؛ فلولا كونها (دنيا) ما أقيمت الحياة، ولم يتم بعثنا على أرضها!

لم نختر أقدرانا، لكننا نحب أقدار الله فينا؛ فرب الخير لا يأتي إلا بالخير، والبدايات والنهايات محطات عابرة، لا يرسخها إلا الأخلاق.