إن الكشف عن أغوار النفس الإنسانية وطبيعتها, وما يكمن فيها, هو أمر ضروري, لمعرفة اتجاهاتها, وما تميل إليه, فالجهل بها يوقع الإنسان, في اضطرابات كثيرة, ومعرفتها أشبه بنور تسلطه على الشيء, لترى ما يتركب منه, وتتكشف لك صفاته وطبائعه, فقد أجتهد العلماء في معرفتها, وكشف النقاب عما يعتريها من غموض, لفهم طبيعة الإنسان, ما يؤثر فيه, وما يتأثر به, فطبيعة الإنسان معقدة, تكشف لنا دراستها عن مكنوناتها, وتفك لنا شفرات الغموض, فالإنسان حر في أفعاله ظاهرا, له الحرية الكاملة في أفعاله وأقواله, ولكن هذا الحرية النابعة منه, هل هي حرية من فيض نفسه وعقله وتأملاته, أم أن لأشياء أخرى تأثير خفي, لا نراه, وما مدى هذا التأثير, هل هوالمتحكم في الإنسان, وهو الذي يوجهه, أو أن تأثيره ضعيف, لا يتجاوز نسبة ضئيلة. من خلال رؤية الدراسات الحديثة, والتي تقول, إن الإنسان ليس حرا الحرية الكاملة, وإن هناك عوامل كثيرة, لها دخل في تكوين الإنسان ومن خارجه, ثقافيا واجتماعيا ودينيا, فإلى أي مدى يكون ذلك التأثير, وهل تتراجع حرية الإنسان بهذا, أم أنها تؤكد هذه الحرية, وما دور الميول والأهواء المكتسبة من البيئة المحيطة؟ أو من خلال الوراثة, أو التنشأة المعينة, وما الفرق بين إنسان, يولد في مكان ما, ويعيش في جو معين, وأخر يولد في مكان أخر وينشأ في بيئة مغايرة لبيئة الأخر, إن أشياء كثيرة تتداخل وتتشابك, لتمثل لنا شبكة, نحتاج أن نحلها واحدة بعد أخرى, ليظهر لنا في نهاية الأمر قاعدة, أو أسس تساهم في فهم هذا الإنسان وطبيعته, في دراسة طبائع الناس الكثير من المتعة والمعرفة, أن تتكشف لك الطبائع الإنسانية بكل ما يعتريها من اتفاق واختلاف, وجوه لا حصر لها, ونفوس متغيرة, وحيوات متباينة, وجوانب متعددة, ووزوايا لا تخطر على البال, ورغم كل هذا الفيض, إلا أن هناك ثوابت يشترك فيها الجميع, والتجربة تزيدك من الشعر بيتا, ومن الثقة يقينا, ولكن الواقع مدارس أخرى ومذاهب ثانية, تتكامل حينا, وتبتعد أخرى......