ما بين النبضة الأولى والنبضة الأخيرة أحاديث متواصلة, وعمل دؤوب, صباحات ومساءات, يقظة وغفوة, وأنا كما أنا, أنا القلب أضخ الدماء وأغذي الجسد, وامده بالحياة, في صدر كل إنسان وبين ضلوعه, لا أنقطع لحظة واحدة, طالما بقيت, أفرح حينا وأتعذب, أكتئب وأنشر جناحي وأصعد هائما, لي أحوال وأغيار, وأنا قابع هناك في مكاني, أبدل معاني وأكسب للحياة أخرى, أزين وأقبح وأدور بمن أقنط فيه, كيف أشاء, لي الكلمة العليا إن شئت فيما أحب وأكره, وأجلس فوق عرشي ملكة, لي الطاعة والولاء, تقدم إلي القرابين والهدايا, كي أرضى, وأعطي وأمنع, ثم أمنح القليل, وأحرم أخرين, أكسي الحياة في العيون بأجمل الأكسية والألوان وأجعلها سوداء حالكة, أنا ذلك القلب أحرك الأشياء, بلا يد وأصنع المعجزات, لي سحر إذا ما ألقيت به على العيون أبصرت وأعميت, فلا قدرة على دفع أقداري, إذا ما قدرت, ولا نصيب لأحد أراد أن يفلت من زمامي وعصياني, إلا الشقاء الأبدي, الموت خزلانا, فلا إرادة حيث أردت, ورغم كل هذا الجاه العظيم, والسلطان الواسع, لا أنكر أني أشعر أحيانا بالملل والضيق, حين أفرض وأحكم وأسيطر, وتنساق طاعتهم بغير إرادة إلى ما شرعت لهم.