لا بد لكل بناء من قاعدة وأساس, وكلما كانت القواعد قوية متينة, خلفت صروحاً قويةً, وبناء النفوس أمر يحتاج إلى جهدعظيم, وعقيدة تملأ القلب والعقل, وتملي سياستها على الجوارح والمعاملات الإنسانية, فالقاعدة الأولى والأهم, هي غرس القيم الانسانية العليا, وتوطين الأخلاق في النفوس, ودعم المحبة, ثم الإعتزاز بهويتنا, والفهم الجيد لطبيعتنا, والعمل على تأصيل وتدعيم وترسيخ تلك المباديء منذ الصغر وفي نشأتهم الأولى, منذ نعومة أظفارهم, فأنت بذلك تغرس بذور البناء والهوية, وتعمل على رعايتها, والاهتمام بها, وصيانتها بتغذيتها الغذاء الصالح, الذي يساعد على الوصول للهدف المنشود من التربية الصحيحة, وإفراز كتائب من الشباب الواعي الناضج, والذي يعول عليه في البناء.
لا بد أيضاً من ترسيخ قيم الجمال والمحبة والصدق والتعاون, ونبذ العصبية والأنانية والفردية, أن يكون هناك عقيدة ثابتة, بأهمية العمل الجاد, والمشاركة الجماعية في انجاز الأعمال, صغيرة كانت أم كبيرة., إن ذلك يعزز هويتهم ويربطهم ببعضهم البعض, فماضيهم واحد وأصولهم واحدة, ولهم مستقبل يشتركون جميعاً في صنعه وتحديد ملامحه.
فالفهم الجيد لنوازع الشباب وميوله, وما يصادفه, وما يشعر به, يساهم في إدراك مكامن القوة والضعف, فنعمل على التحفيز لمكامن القوة, والإبتعاد عن نقاط الضعف والخلل, والعمل على تقويمها وعلاجها, فالقلق وعدم الطمأنينة يجعل من نفوس الشباب نفوس هشة لا تقوى على عمل شيء, ولا بناء, والشعور بالقوة يدفع الإنسان إلى العمل والإجادة.
فكل الشعوب تعتز بهويتها, ولكنها لا تنسى أن المستقبل في عالمنا الحاضر, قائم على التعاون والتكامل, بين الأمم جميعاً, وأن مستقبل الإنسانية رهن بكل إنسان يعيش على وجه الأرض, وفي كل بقعة من بقاع العالم.