قريبا سينعقد مؤتمر القمة العربي في الجزائر وحال العرب ليس أفضل بكثير من ثلاثين عاما مضت .. الأمر الذي يستدعي وقفة عربية جماعية حاسمة تجاه كل من تسول له نفسه تكرار السيناريو الذي يتخذه مبررا للتدخل في الشأن العربي بالود الزائف تارة وبالوعيد والسطو المسلح تارة أخرى.
فمن المعروف أن عام ٩٠ كان النهاية الفعلية للاتحاد السوفيتي وبداية التحول الاستراتيجي للقطب الأوحد في منطقة الشرق الأوسط لشغل الفراغ الجغرافي والسيطرة على موارد الطاقة فيه .. فكان سيناريو غزو العراق للكويت وما تبعه من أحداث معروفة. لكن ذلك لم يكن مبررا للبقاء الأجنبي في المنطقة بالقدر الكافي .. فوقع حادث البرجين وبعده بعامين كانت الحرب الشاملة على العراق وبداية الفوضى في الشرق الأوسط كله .
الغريب أن كل أجهزة الاستخبارات الغربية تقريبا قد صرحت (رسميا) بأنها أخطأت في حق الرأي العام العالمي والعربي على وجه التحديد. وأن معلوماتها بشأن أسلحة الدمار الشامل في العراق ربما كانت مبتسرة ومشوشة ..كما صرح جورج بوش (الإبن) وتوني بلير (الأخ) بأنهما نادمان على غزو العراق وشنق رئيسه...
فمن الذي يحاسب هؤلاء القتلة ويحاكم النادمين والمعتذرين منهم أو حتى يوجه لهم تهمة تخريب بلدين عربيين وتشريد أكثر من عشرين مليونا من خيرة شبابهما داخل بلادهم وخارجها تائهين بين خيام بالية وبحار لا ترحم عابريها؟
لا أحد.
ثم يأتي فصل" الربيع العربي" السياسي للقضاء على ما تبقى من بلاد العرب لتعم الفوضى (الخلاقة) وتكتمل دائرة القتل والترهيب والتشريد والتجويع والإبادة الجماعية على مرأى ومسمع من العالم الصامت كله شاركت فيه جماعة إرهابية مستحدثة قوامها بضعة آلاف من السفاحين احتلت (لا أدري كيف) دولتين كبيرتين لخمسة أعوام .. ونكاية في العرب أطلقوا عليها في إعلامهم (عن قصد) اسم الدولة .. فضلا عن الاستعانة بجماعات دينية أخرى لها تاريخ وباع طويل في فن المؤامرة لتكمل دائرة القتل والفوضى والتخريب..
بدأ ذلك من العراق في مطلع التسعينات بمؤامرة دولية محبوكة الأطراف تساعدها قوى إقليمية تعرف جيدا ثمن الصمت العربي المشين ...كنا نتابع كل هذا ونبني عليه توقعاتنا للمستقبل ولم يكن غريبا علينا الأمر بكل كوارثه ومساوئه حين وقع .. الغريب أنه مازال مستمرا حتى الآن في بلاد العرب بصور مختلفة ..ومازال العرب (نفس العرب) يسألون في حيرة وشغف كيف نمضي في تلك البحار الممتدة المظلمة وماذا سيفعل بنا هؤلاء بعد أن تنفض حرب القطبين الدائرة الآن بينهم؟