عندما أكون خارج البلاد أجدني مدفوعا دون إرادة إلى المقارنة بين ما أشاهده وما يحدث في بلادنا العربية.. قد تكون مقارنة غير منصفة لأسباب تتعلق باختلاف الظرف العام والثقافة ومستوى المعيشة وسمات الشخصية الشرقية بوجه عام. وفي النهاية أجدني مدفوعا أيضا لغض الطرف عن معظم عيوبنا والتمس الأعذار للناس حين أبحث في أسباب كل ظاهرة ونتائجها..
هذا على الصعيد المصري.أما على الصعيد العربي ، فيؤسفني ألا ألتمس العذر لبعض العرب الذين يتنكرون لدور مصر في منتديات السياسة الغربية.
هناك صحوة ضمير غربي على الصعيدين السياسي والمدني تجاه ما يحدث في الشرق الأوسط رغم كل المحظورات المكشوفة والمستترة من أصحاب النفوذ السياسي والمالي المعروفين.. وهذا مخالف تماما لحالة السكون الشرقي والإسترخاء العربي وكأن العالم أصبح مملوكا لهم أو أنهم أصبحوا أبناء قرصانه بالتبني.
ويؤسفني أن أقرأ بعضا من تصريحات العرب العدائية ضد مصر. ولا أجد لذلك تبريرا في الحاضر المكشوف أو الماضي المعروف. إنهم غافلون عما يمر به العالم الآن، وخصوصا في منطقة الشرق الأوسط، بوصفهم في مأمن من أي خطر.. وهذا أمر بالغ الخطورة .. وإذا وقعت الواقعة فلا مجال للمقارنة بين دولة واخرى فالكل سيصبحون في الهم سواء . حتى الذين يدعون أنهم في حماية القوى العظمى يعيشون في وهم كبير . فلا عاصم لهم من فيضان جارف إن حدث لن يبقي على أحد. وبهذه المناسبة أقول لهؤلاء إن الخروج من الأزمة الراهنة ليس بالبساطة التي يتصورونها ..وإن وهم التخلي عن مصر في هذا الظرف الحرج مقامرة كبرى لا يستطيعون الرهان علي غيرها.
هناك مؤامرة محبوكة الأطراف لتفريغ الشرق الأوسط كله من مقومات بقائه سياسيا وجغرافيا .. وبرغم تلك المواقف الرجعية من مصر فإن مصر هي الحصن الوحيد لهم وهي الدرع الباقية لصد الهجمة التترية عنهم. وكما قلت من قبل فإن الحرب على بلدان الشرق الأوسط .. وعلى العرب تحديدا .. هي حرب لم ولن تنتهي أبدا.. قد تخمد النار لوهلة ويتصاعد دخانها الأسود فيما يسمى بالهدنة ...طالت أو قصرت تلك ... هي هدنة فقط لالتقاط الأنفاس ..
أنا لست من دعاة الحرب ولا أتصور أن أي مصري من دعاتها.. لكن أسباب الحرب وأهدافها فستظل قائمة . ومن الغباء أن تبني شعوب المنطقة سياساتها واقتصادها ومستقبل أجيالها على جسور سلام مؤقت وهي تعلم أنها جسور آيلة للسقوط.