وقع تحت يدي ذات يوم مقال للسيد عماد أديب .. المقال ليس جديدا وردي عليه أيضا لكن من المهم الإشارة اليه في هذا الجو الذي تسوده الآن آراء الصفوة الملكية المتبرئة من ثورة يوليو وجيشها وزعيمها، والآن ومعها السيد أديب، تحاول النيل من حالة الهدوء النسبي التي تنعم بها البلاد فتثير عاصفة من القلق والتشكيك بدعوى الخوف من المجهول. هو كالعادة إتهم مصر بتزييف التاريخ في مقال طويل تعرض فيه لمآثر الحياة المصرية وجمالها وديموقراتيتها ووجه مصر الضاحك قبل ثورة يوليو والمكتئب العابس الفقير بعدها. ونحن قلنا له مايلي: 

.........................

أيها المسافر بعيدا عن بلاده لسبب لا نعلمه.. 

في عُرف الأحرار يا محترم لا معني لكل المزايا التي ذكرتها عن تاريخنا (المزور).. فمصر التي تتحدث عنها هي بعض أحياء من مصر القاهرة والإسكندرية والصالونات المخملية ... لكنك لا تعرف مصر الريف وعمال التراحيل والسخرة ومشروع الحفاء الملكي.. وبالطبع لم تذكر شيئا عن الاحتلال البريطاني المهين لك مصري أبيٌ ذي نخوة إلا على إستحياء رغم أنه لب الموضوع.

 

أنت تتحدث عن مصر التي كانت تدار من قصر الدوبارة في جاردن سيتي وليس من بيت متواضع بعد ذلك لظابط مصري شاب في منشية البكري..

 

ومع هذا، أنت مُحِق في كل ما قلت عن قوة الجنيه المصري الذي كان يدور بين أيادي ١٨ مليون مواطن تعداد مصر في ذلك الوقت وليس ثلاثين ثم خمسين فتسعين فمائة مليون على ذات المساحة من الأرض وذات الموارد تقريباط.

 

ولنفرض أن الحياة كانت وردية كما صورتها فهل يرضي أي مصري محترم قبل ٥٢ أن يتوافر له كل ما يتمناه من مأكل وملبس ومسكن وبلده مازال محتلا يديره ويفرض كلمته على مليكه (الغريب) مندوبُُ بريطاني بدرجة سفير؟ 

 

وبذات المعني (مع افتراض أن الوضع المادي كان أفضل لكل المصريين) هل يعتبر المرء سعيدا ومحظوظا إذا إحتل بيته زوج لأمه المطلقة قسرا ووفر له كل ما يتمناه من وسائل المتع المادية وهو ينام هانئا مطمئنا في غرفة نوم أبيه ؟!!!لا أظن.......

وبصرف النظر عن قسوة الحياة ومشاكلها وما يعانيه الانسان المصري الآن من ضيق ذات اليد، فالحالة التي نشيد بها ليست رومانسية ولكنها أسلوب حياة لكل حر شريف رغم المصاعب وتراكم الهموم... فعندما يكون الفيصل هو كبرياء وسيادة أمة فكل شيء يهون ... إلا هوان النفس يا سيد أديب..