لا …بكل تأكيد ، لقد استهلكنا أنفسنا وأموالنا نحن العرب والمسلمين لأكثر من عشرين عاما فيما أطلقنا عليه مصطلحيا " تجديد الخطاب الديني " أو " تجديد الفكر الديني أو ماشابه …

عشرات السنين نبحث وننظر ونمنح الدرجات العلمية ونعقد الندوات والمؤتمرات الدولية ونروح ونجيء ، ومامن تجديد ديني حقيقي ملموس في حياتنا كمسلمين .

ببساطة لأن تجديد هذا الدين " الإسلام " يعني إحياء مااندرس منه ، أو ما هجره الناس من تعاليمه ، ولايعني مطلقا استحداث تعاليم جديدة داخل هذا الدين ، الذي اكتمل بنزول آخر آية منه على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، بل إننا كمسلمين نعتقد أن الرسالات السماوية كلها اكتملت بالإسلام مصداقا لقوله تعالى " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا "

وهذا الاكتمال أوضح كنهه أو جوهره النبي صلى الله عليه وسلم في قوله " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " فمكارم الأخلاق التي هي جوهر رسالات السماء إلى الأرض اكتملت باكتمال الإسلام كدين خاتم .

وهذا معناه أن مكارم الأخلاق هي المعيار الصادق والأوحد الذي يجب أن نقيس به درجة تديننا الحقيقي بهذا الدين ، من حيث اقترابنا من تعاليمه ، أو بعدنا عنها .

أما ماسوى ذلك من كل المظاهر الشكلية التي لاعلاقة لها بمكارم الأخلاق في جوهرها ، فهذه ليست تجديدا في الدين وإنما هي معايير وهمية وطقوس فارغة القيمة ابتدعناها ، وماكتبها الله علينا .

وأخيرا أقول : مادام جميعنا يبكى على أطلال الأخلاق ويفتش عنها في عالم المثل وفي خيالات الشعراء ، فهذا معناه أن جميع ما بذل من جهود في سبيل تجديد حقيقي لهذا الدين ، لم تثمر شيئا في واقعنا .

أو بتعبير أدق : لم تتعد المستوى التنظيري فقط .