الآن أنا والطريق ولا أحد ثالثنا، لاشئ يدعو للقلق سنكمل ككل مرة تُركنا فيها..
كنت أعرف من البداية أن الأمر برمته فترة زمنية ستنقضي طالت أو قصرت.. لكن لم أكن أظن أنها لهذا الحد قصيرة.
ازيك""
جاءت في بريدي رسالة..
كانت "ازيك" عادية وكنت قد قررتُ سلفًا ألا أرد على مثيلاتها قناعةً مني، أن أي تواصل بيني وبين رجلٍ مثله ولو بمجرد محادثةً لن يفضي إلى خير..
لكن شيئًا ما أثار فضولي، وأكرهني حين أقع تحت طائلة الحاجة أو الفضول.
تصفحت حسابه الشخصي، رأيت صورته
نوع الموسيقى التي يفضل، والقراء الذين يهتم بالنشر لهم.. يبدو رجلًا ذا ذوق رفيع، حتى الآن في الموسيقى والأدب، واختيار نوع الناس الذين يراسلهم لقد اختارني..
عدت للبريد مره أخرى، استلمت رسالته وأجابته برسالة أخرى"الحمدلله، وأنت؟ "
ردّ عليّ في الحال..
مسقط رأسنا نفس المدينة تقريبًا، هو في المركز وأنا في قرية صغيره تابعة له، لذلك لم نعرف بعضنا قبلًا.. لكنه يقيم في محافظة أخرى لعمله بها، وأنا في محافظة ثالثة للعمل أيضًا ولإستكمال دراستي، مما يعني أن احتمالية لقائنا تكاد تنعدم إلا ماشاء الله
امتد الحديث سريعًا، يوم اثنان ثلاث.. ثمانية عشر يوم
سألني أين أقيم وماذا أفعل، كان يسأل وأبوح بإستطالة، كأنما أعطاني الأمان فرغبت أن أنكشف له عن ضعفٍ وقوة
كنت أتعرَّى أمامه بكل خبيئاتي لم أشعر أنه يتوجب علي مواراة أي أمرٍ او الشعور بالعارٍ تجاه ذنب أذنبته او خطأ اقترفته
ظن فاسد ليس الٰهًا لئلا يفعل، ليس ربي ليغفر لي خطيئًة بنية التجرد منها.. اقتربنا واقتربنا أكثر لدرجة قد تفوق اثنان تزوجا للتو
أعترف بحبه وأعترفت لم أكن تحت تأثير الحب حقيقًة، كنت تحت تأثير الحاجة للحب، أنا أحتاجه، أحتاج من يشركني سماع صمتي من يأخذ بيدي من معركة الحياة لمعارك أخرى بصحبته
من يعرفني على الدنيا برؤية إضافية غير التي اعتادتها، من يلمس قلبي رغبة مؤانسته لا استكشافه..
وهو كذلك.. تركته يلمس دواخلي ويتحسس برفقٍ وغلظة إن أراد.. حتى التقينا، يومها شعرت أنني أود لو أقضي معه كل حياتي، لو أسترجع الماضي ليشركني إياه لو أبكي الحاضر واللحظة ليتوقف كل شئ عند مشهد استناد رأسي على كتفه ونحن نشاهد الغروب بأحد شواطئ الأسكندرية.. كان كريمًا ولطيفًا بدرجة جعلتني أعترف أنني الآن التقيت رجل أحلامي، تمشينا في الشوارع ويدي بيده لم يترك فراغًا بين أصابعي إلا والتهمه عن طيب خاطري، كانت مرتي الأولى التي أشعر فيها أن رجلًا يحميني من ماذا؟ لاأدرى لكنه فعل..
مر اليوم سريعًا وكنت أرغب في اصطحابه معي لنكمل عيشنا سويًا ولو كان تعبًا
ابتدى انسحابه، سكوته
انقطاع رسائله
لم يعد يحادثني، فقط ازيك، لكنها ازيك عادية..
وكنت أبحث عنه بشراهة، أبحث عن نصفي الضائع الذي تصورته فيه
يحدثني بإنقطاع وأظن انقطاعه أفضل من العدم، الواحدة منا تشعر بالحياة ان بحث عنها رجلًا وإن كان بالخطأ فقط لأنها تستهويه وتستهوى اختلاسه لأسرار دواخلها.
سألت كثيرًا مرة صراحة ومرات مجازًا كنت أخاف أن يرى حاجتي وإندفاعي إليه فينفلت، وكيف يفعل من يكره أن تحبه امرآة كماهو رغم أنه لايصلح لأي شئ، رغم انه بالكاد يصلح لنفسه
أظنه شك في أمري كما شككت فيه، شك في قربي كما كذبت قربه نسى يومنا كما تناسيته أو هكذا أظن
ان اليوم محفور في ذاكرتي كأصدق شئ عاينته طوال حياتي..
لكن وبرغم حقيقة اليوم وماأشعر اختفى..
كحلم يقظة سريع، كرؤيتك لفيلم تمنيت أن تكون بطله، لكنك لست كذلك
أنظر إليه من بعيد الآن وأقول لا أحد يحب النساء الذين يبوحون بحاجتهم لآخرين،
او أنك يافتاة رائعة في كل الأدوار إلا ذلك الدور الذي تكونين فيه حبيبة، تحديدًا حبيبتهُ هو، لقد كنتي حبيبة كثيرين لم يكون لهم عندك غير مايكون للأخ عند أخيه.