مذ أول حديث دار بيننا عرفت أنني لن أنجو، كان باكراً على أن تتسبب مجرد رسالة في تحريك كل ساكناتي؛ تقول مرحباً فتضطرب أركاني، شعرت حينها أن علي الهرب يتوجب أن ألوذ بالفرار من مراهقتي التي تجعلني أقع في رجل لم يدلي بدلوه تجاهي بعد!
لكن غرابتك كانت مفتاحك الخاص لإظهار كل دفائني مشاعاً، دون أدنى خبيئة..
رجل فيه من الغموض مايريب، وأنا ياحبيبي عِلَّتي الريبة ودوائي الوضوح..
لكنك فعلت فعلتك وانتهينا، الآن لاجدوى من الهروب، قد كان كل مانهيت نفسي عنه، ربما ضريبة البقاء معك كبيرة، كبيرة لدرجة أن تفضي بي وبقلبي عاريين في قبضتك وأنت حُر فيهما!
ألا يستحق الأمر خوفاً واضطراباً..
فيك شئ يستعصى على العقل ادراكه، ربما أنت حاضراً الآن لكن هيئتك توحي بأنك ممن يغيبون في غمضة عين وأنا عدوي اللدود الغياب والغائبين، خاصة الذين يتركون في القلب نبضة زائدة ويرحلون.
مما لاشك فيه أنك جعلتني أُبصر في نفسي مالم أبصره قبلاً وأبصرت فيك أيضاً، طفل صغير في قالب رجل متسلط لامبالي، وأكاد أُجزم ان كل المبالاة في قلبك، صورة الشاعر التي تصورتها قديماً وياللمفاجأة تصورَت فيك وعلى مقاسات شاعريتك أنتَ تحديداّ، تعرف النشوة التي تستشعرها في مجالستك نفسك على كورنيش النيل، أو بتمشيتك مفرداً في وسط البلد مراقباً كل حبيبين وهم بتسامرون بناظرهم للقمر، استشعرتها في تقاسيم وجهك الجميل بطريقة تضيف لمعاني الجمال معنى آخراً، وفي نبرة صوتك الهادئة التي بدورها تمتلك جاذبية مختلفة لتكتمل معضلة اختلافك الفريدة، رجل تدخل معه معركة خاسرة بوجه مبتسم فقط لأنه معك..