تمنيتُ لو أفهم كل شي دفعةً واحده، لو أتوقف للحظةٍ عن الركض في رحلة البحث عن مفردات أكثر بساطة للفكرة.
أسير في كل دربٍ وشعور الفقدِ يفترسني، مفتقدة اجابة، أو رداً ربما يريحني مجيئهُ أو يفجعني المهم أنني بعده لن أبقى حائرة.
على مايبدو أنني ممن كتب على جبينهم أبدية حيرة أمرهم، كتب على قلبي التيه في عقر داري، الغربة على وسادتي، الخوف ومعاينة تهديداتٍ صريحة وأنا بين ضمتي أمي.
أجلس الآن على أصغر مقعدٍ في أبعد طاولة وفي أكثر أركان المقهى انزواءً؛ رغبة في أن لايراني أحد ألا يقع عليَّ ناظراً، أخاف أن ألمح عينًا تشعرني تهديداً أو تخلق في رأسي فكرة، أو تعيد للحياة بعد طول تجاوز ذكرى ما..
رأسي في مذكرتي وسمعي منتبهًا لكلمات أغنية لاأحبها لكنها تأسرني، هكذا أنا اعتدتُ الميل نحو كل مايكبِّدني ويقيدني في لحظاتٍ مضت.. ماأقسى الإنسان على نفسه وما أسخفه حينَ يصف معاناتِه.
المعاناة في الوصف أعنَف من عيشهِ.
سينتهي اليوم وسأخرج من المقهى مدعية تجاوز الفكرة، إلى أن تأتِ أخرى لتفضي بضربة قاضيةً ادعائي وما بصحبته من حِيَّل التجاوز.
لا نتجاوز أبدًا، إنما ندَّعي وأكثرنا مهارة من يفلح في اظهار ادعاءه كما لو كان تجاوزاً.