في حياتنا اليومية، نصادف أشخاصًا لا يقفون على موقف واحد، ولا يملكون ثباتًا في كلماتهم وأفعالهم. هؤلاء هم المنافقون، الذين يشبهون أوراق الشجر التي تتقلب مع الريح، أو المرايا التي تعكس وجه من يقف أمامها.
هم يأكلون مع كل ذئب، يتقربون من القوة والمصلحة، ويبكون مع كل راعٍ، يظهرون التعاطف مع من يسيطر على المشهد، وينبحون مع كل كلب، يرددون ما يقوله الجميع خوفًا من أن يكونوا خارج القطيع. هذا السلوك ليس مجرد تذبذب في المواقف، بل انعكاس لفراغ داخلي، لشخص يبحث عن قبول الجميع بلا حدود، حتى لو كان ذلك على حساب قيمه ومبادئه.
الإنسان بطبعه يقدر الصدق، ويحنّ إلى المواقف الصافية، إلى الذين يقولون ما يشعرون به دون خوف أو مصلحة. المنافقون، رغم أنهم يحققون لنفسهم شعورًا مؤقتًا بالأمان أو القبول، إلا أنهم يفقدون أهم شيء: احترام الآخرين لأنفسهم ولثباتهم.
ربما يكون درسنا هنا أن نتعلم التمييز بين الناس، وأن نقدر الصدق أكثر من الكلمات المعسولة، وأن نعلم أن من يبحث عن رضا الجميع، قد يخسر نفسه قبل أن يخسر الآخرين.
في نهاية المطاف، القلوب التي تبحث عن الصدق، تعرف طريقها إلى السلام النفسي، بعيدًا عن الأصوات المتغيرة، والمواقف التي تتبدل مع كل رياح الحياة.