رأيتُ ليلةً صامتةً، دخلتُها لأُشبعَ فضوليَ البريءَ. وجدتُ نوافذَها تنفتحُ وتُغلَق، فتسلّلَ الرّعبُ إلى قلبي، لكنّني لم أتوقّف. اختلستُ النّظرَ إلى الغرفةِ الوحيدة، وكأنّها تروي قصةَ تلكَ الليلة:
الكثيرُ من الجروحِ على الحائط، دميةٌ مرميةٌ على الأرضِ تمسكُ زهرةً ذابلة، صورةُ طفلةٍ تلعب، مكعباتٌ هنا، وأوراقُ سفرٍ هناك، طفولةٌ معلّقةٌ عند الباب، وشيخوخةٌ تصدحُ صرخاتُها بعيدًا، والسّريرُ ملطّخٌ بالدّماءِ والعسل. كانت الغرفةُ بأسرها تنزفُ بين الماضي والحاضر.
شعرتُ وكأنّ هذه الليلةَ هي أنا: صامتةٌ، باردةٌ، وحزينة. كيف يمكن للمرء أن يرى نفسه؟ نظرتُ إلى نفسي في المرآةِ المكسورة، فشاهدتُني وأنا طفلةٌ تبكي وتصرخُ بأعلى صوت. حاولتُ إسكاتَها، لكنها لم تهدأ. فانهارتْ روحي ألمًا، وضحكتُ بمرارةٍ أمامها، ولبثتُ أبكي وأصرخُ معها حتى الفجر.
لعلّني كنتُ بحاجةٍ إلى ذلك؛ لم أبكِ بصوتٍ عالٍ منذ وقتٍ طويل، لكنّ الوقتَ قد حانَ كي أُخرجَ كلّ ما بداخلي، وأقصّ أوجاعي لنفسي، عسى أن أهدأ الآن، وأنهضَ من جديد، كما يفعلُ الكبارُ لا الصغار.