أصعب ما قد يواجهه الإنسان ليس الكراهية المعلنة، بل تلك العداوة الصامتة التي لا يفهم سببها.
أن تستيقظ كل يوم وتجد من ينظر إليك بنظرة شكّ، أو من يفسّر كلماتك بسوء، دون أن تكون قد أسأت إليه يومًا… هذا النوع من العداء يترك في النفس أثرًا أعمق من أي خصومة واضحة.
في البيئات المريضة، لا تُقاس الأمور بالمنطق، بل بالمزاج، ولا تُقدَّر النوايا، بل تُساء الظنون.
فيها يتحوّل النجاح إلى تهمة، والاختلاف إلى تهديد، والصدق إلى سذاجة.
وحين تحاول أن تفهم، تكتشف أنك أمام فراغ من التفسير، وأن المشكلة ليست فيك، بل في الجوّ المحيط الذي يختنق بكل ما هو نقي.
العداوة التي بلا مبرر تستنزف الروح بصمت.
تجعلك تراجع نفسك مئات المرات، وتُطفئ شيئًا من ضوءك في كل مرة تحاول فيها إرضاء من لا يُرضى.
إنها لا تجرحك بصوتٍ عالٍ، لكنها تُنهكك في الخفاء، حتى تبدأ تشك في قيمتك، وفي طيبتك، وفي نواياك أنت.
لكن الحقيقة أن القلوب المريضة لا تحتاج سببًا لتُعادي، هي فقط لا تحتمل من يذكّرها بما فقدته من صفاء.
لهذا، لا تبرّر، ولا تُحاول التبرئة أمام من قرر أن يراك بعدسة مُعتمة.
كن كما أنت، وغيّر المكان إن احتجت، فالحياة قصيرة على أن تُضيّعها في بيئة تُطفئك بدل أن تُنمّيك.
فالعداوة التي بلا مبرر لا تُواجه… بل تُترك خلفك بهدوء.
ومن يراك كما أنت حقًا، لن يحتاج يومًا إلى تفسير ليحبك أو يحترمك.






































