بسم الله الرحمن الرحيم


تعليقاً على موضوع م.محمد بخصوص الإزدواجية والنسبية ،،
الموضوع أعجبني جداً فالقضايا الفلسفية لاسيما المتعلقة بطبائع النفس البشرية تثير إهتمامي للغاية ..،
يتحدث في الموضوع عن النسبية في الحكم وكيف أن المباديء التي تقاس بمعياريين تفقد قيمتها وتقلل ممن ينتهج هذا النهج ..،
الواقع أن لي وجهة نظر في هذا الموضوع تحديداً ..،

إن النسبية تلك لا تعني في كل الأحوال أن الشخص نفسه يعاني الإزدواجية في تقييم المواقف ..،
بل إن تقييم الموقف نفسه يجب أن يتوقف على عدة عوامل منها
ظروف حدوثه
مقدار معلوماتنا عن هذا الموقف
ودرجة وعينا وثقافتنا وتقديرنا للأمور


سنأخذ المثال الذي ساقه محمد لتبيان الانفصام في الحكم على الأمور :


شاب يبيح لنفسه الخروج مع فتاة ويحرم نفس المنطق على أخته ..، ويبرر ذلك بأنه واثق من نواياه ولكن لا يثق في نوايا الآخر


الموقف نفسه موقف الخروج مع البنت من منظور إجتماعي وأصولي مرفوض تماماً ..، ولكن منطق الموقف بصرف النظر عن الشخوص يخضع للتأويل فالنسبية تحكم كل منطق وكل موقف بناء على عدة عوامل ..،،


لو رأينا رجل وامرأة في مكان ما كيف سنحكم على الأمر ؟؟


ربما تمت المقابلة لاشتراكهما في نشاط ما اجتماعي أو ثقافي ليس بالضرورة أن يكون لقاء عاطفي وبالتالي لا يخضع الموقف للحكم الأصولي المرفوض برغم أن هناك مقابلة تمت


طيب بفرض أن اللقاء عاطفي وليس في إطار العمل أو الأنشطة الإجتماعية أو الصدفة البحته ..?


هل خروج شاب وفتاة ناضجين ومتفاهمين على مبدأ الإرتباط تحكم علاقتهما الصراحة والوضوح والإحترام في مكان عام ..مثل خروج شاب وفتاة في سن خطر إلى مكان منعزل مثلاً ؟؟


الموقف واحد هناك في الحالتين مقابلة تمت في مكان خارجي وسبب ما جمع بين ذكر وأنثى ..، ولكن بالتأكيد تقييم الموقف يختلف حسب معايير منها السن ودرجة الوعي والمكان


إذاً فالحكم بناء على ( أثق في نفسي ولا أثق في غيري) خاطيء جداً كما قال م. محمد ..، ولكن الحكم الصحيح يكون بناء على من هذا ومن هذه وأين كانا وبناء على ماذا كانت المقابلة ؟


لطالما كافحت المنظور المتخلف للنظر إلى الأمور وحاولت كثيراً تبيان وبرهنة أن الفتاة يمكنها المشاركة بقوة في الحياة وخوض غمار تجاربها المختلفة وهي محافظة تماما على ثوابتها الخلقية والدينية في تحد صارخ لما تعتمده أسرتي كمعيار للبنت المؤدبة التي يجب ان تنقطع علاقتها بكل شيء في العالم ..، ولكني فشلت جداً في إيصال الفكرة لعقول أسرتي على الأقل :) !!


هل كون الفتاة قابلت شاب مثلاُ هذا دليل على انحراف ما في خلقها ؟؟ المجتمعات الشرقية تقول نعم


طيب ماذا لو تمت المقابلة بدون علم المجتمع وحدث فيها ما لا يحمد عقباه ..، وكان الأمر سراً ثم خرجت الفتاة بعد ذلك تتكلم عن الاخلاق والفضيلة ؟
سيقول المجتمع عنها انها ممتازة وفوق مستوى الشبهات بينما يكيل اللكمات والاتهامات لمن يراها تقابل شابا في مكان عام بمنتهى الاحترام والالتزام !


إذاً فالقضية ليست المقابلة في حد ذاتها ..، بل من هو ومن هي وأين هما وما الغرض من المقابلة ..


إذاً فالحفاظ على القيم لا يكون بالظواهر ..، فمن أرادت إنحرافاً ستنحرف بدون علم أي مخلوق ..، ومن أرادت الحفاظ على نفسها ستستطيع ولو كانت بين ألف رجل


إن النسبية تحكم كل شيء في حياتنا .. فليس هناك ما يمكن أن نصدر عليه حكم واحد موحد بل يختلف الموقف حسب ظروف وعوامل الفاعل ..،، وظروف وشخصية الحاكم عليه ..،،


ولكن الازدواجية في التبرير هي التي بحاجة الى الانصياع لحكم النسبية وتطبيق معايير حكم أخرى على الأمور


تحياتي :)