تربية الحب ..
لن أتكلم هنا عن مادة تربوية مكرره ومعتادة ..، وإنما سأتكلم عن لماذا لا نعلم أطفالنا الحب ؟
الحب عاطفة فطرية لا تحتاج التعليم .. ولكن ما يحتاج التعلم بالفعل هو كيفية التعبير عن الحب
السبب الأساسي لفساد العلاقات العاطفية هو فشل طرف أو الطرفين في التعبير عن مشاعره فيجنح للصمت أو يفرط في التعبير بشكل يجعل الآخر مرتاب ومتوتر مما يفقد اللحظات الرومانسية الهامة جمالها ويقلل من الإستمتاع بها
يبدأ الطفل في تعلم الحب من الأم في سنوات حياته الأولى .. والحب هنا من طرف الطفل يكون أناني إلى حد كبير فهو يستغل اهتمام أبويه للحصول على كل ما يريد ويغار من الأخ الأصغر إذا ما لقى اهتماماً يفوق الإهتمام به على حد إحساسه ومن هنا تتأثر صحيح العاطفة الفطرية في عقله الباطن
فالحب علاقة متبادلة عطاء وأخذ تأثير وتأثر يجب أن نتعلم كيف نعطي ليسرنا ما نأخذه
تنمو المشاعر الإنسانية مع نمو الجسد بالتقدم في العمر وتتأثر بشخصية الإنسان التي تتأثر بدورها بطريقة تربيته وتجاربه في الحياة
نجد أن من نال مساحة من حرية التعبير في أسرته فإنه يصبح أكثر جرأة في التعبير عن مشاعره للطرف الآخر ..، وتقل عنده المشاعر السلبية إلى أدنى حد لها
لفت نظري في المسلسلات والأفلام الأمريكية أن الأم تفرط في قول كلمة ( أحبك ) لطفلها .. مع أنه أمر مفروغ منه لا يحتاج لتأكيد لكن تكرار الكلمة نفسها له تأثير بالغ في نفسيته لأنه يعلمه التعبير عن مشاعره وكيف أنها كلمة جميلة لا يجب الخجل منها ولا الحذر فيها متى أحسست بالحب فقلها ولا تخف ..،،
لذا فإن العلاقات الزوجية عند الأجانب أفضل بكثير مما هي عندنا
بينما في مجتمعاتنا للأسف الشديد من النادر أن تقولها الأم لابنها برغم أن الأم الشرقية أكثر حناناً بكثير عن سواها من أمهات العالم .. ولكنها قد تهتم بترجمة الإحساس إلى أفعال ملموسة أكثر من التصريح بالكلمة وتعليمها للأبناء
هذه الطريقة في الحب تجعل الإنسان بخيلاً في التعبير عن عواطفه مع الطرف الآخر .. والبخل في التعبير يجفف منابع العاطفة نفسها مع الوقت
تعلمنا أن الحب عاطفة خاصة جدا والكلمات العاطفية لا تقال إلا في لحظات خاصة بين الزوجين فقط .. بينما هي عند الغربيين متاحة في كل وقت وأي وقت فالحب ليس عيباً يستتروا فيه من الناس ويخشوا التعبير عنه أمامهم ..
وسائل التعبير عن الحب كثيرة بخلاف التصريح بالكلمة نفسها :
منها مثلا اللمس ... لا تحدث طفلك وأنت بعيد عنه بل اقترب منه امسك بيديه اربت على كتفيه واحتويه ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يلصق ركبتيه بركبة محدثه وقد ثبت الآن أن مجرد اللمس يجعل الإحساس بالود وبدفء العلاقة يرتفع إلى أعلى الدرجات
منها مثلاً المشاركة في الطعام معاً لا بأس من دس بعض اللقيمات في فم ابنك حتى ولو كان كبيراً في السن فإن لهذه اللفتة أثر كبير في نفس الإنسان لكونها تعني ما تعنيه من الاهتمام والحب والعناية
منها مثلاً القبلة .. قبّل الرسول عليه الصلاة والسلام أحد سبطيه إمّا الحسن أو الحسين فرآه الأقرع بن حابس فقال : أتقبلون صبيانكم ؟!! والله إن لي عشرة من الولد ما قبلتُ واحداً منهم !! فقال له رسول الله أوَ أملك أن نزع الله الرحمة من قلبك .
القبلة على غير موعد لها أثر أكبر من تلك التي تمنح فقط للترضية .. فقبلوا ابنائكم في يقظتهم ونومهم
وغيرها الكثير من وسائل تربية الحب التي لا يجب أن نهملها في الأجيال القادمة .. أبقوا عواطفهم الإنسانية يقظة ونشطة فمن مات قلبه ..مات
مودتي :)