وقفتُ في تلك الليلة أمام النافذة، تلك النافذة التي تطلّ على البحر، وعلى عينيك ومنزلك. شعرتُ بلهيبٍ داخلي، تحسّستُ قلبي، فإذا به يذوب كشمعةٍ لا تودّ الانطفاء. صرخ الموجُ عاليًا، وأمطرت السماءُ فجأةً، كأنها تقول لي: أنا هنا لأجلك.
تركتُ منزلي وذكرياتنا معًا، وذهبتُ إلى البحر أشكوكَ إليه، فرأيتُ أمواجه تتقدّم نحوي، وكأنها طفلٌ صغيرٌ يريد معانقة أمّه. بدأ الغيثُ يلامس جسدي البارد، ومن دون سابق إنذار، بدأ صوتُ الريح يصدح في الأرجاء، ولم ينتهِ ذلك الصوت حتى هطلت دموعي كما المطر.
لا أدري إلى أين أذهب، ولا إلى من ألجأ، فقد كنتَ ملاذي الآمن، وحضني الأوحد، ومنزلي الدافئ. إلى مَن أذهب الآن؟ من سيمسك يديَّ المرتجفتين ويمسح دموعي؟ أيُعقل أن أبقى هكذا؟
سامحك الله وعفا عنك. الآن لم يبقَ لي سوى اختلاس النظر إلى حياتك، والدعاء لك. نافذتي ستبقى مفتوحةً لك إن أردتَ العودة، فوالله لا أطيق بعدك حياة، ولا تسعدني بعد كلماتك قصيدة.
لن أكبُر، سأظلُّ هنا بانتظارك.