تابع احداث يوم ٨ أكتوبر ٧٣

المهمه الثانيه...

اقتحام مركز القياده المتقدم لقيادة القطاع الأوسط المعادي والاستيلاء عليه والمعروف إعلاميا بتبه الشجره....

...........

بدأ هذا اليوم منذ ساعاته الأولى بسلسله طويله ومستمره من الهجمات الماده للعدو يحاول فيها زحزحتنا عن المكان الذي وصلنا اليه والذي كان على مسافه ٤كم شرق القناه واشترك في صد هذه الهجمات جميع اسلحه الكتيبه علاوه على اسلحه الدعم من المدفعيه والدبابات التي كانت قد وصلت وانضمت علينا وظهر جليا موهبه قائدي العظيم الفذه لكيفيه صد هذه الهجمات وتكبيد العدو خسائر فادحه فلقد كان سيادته يحبط هذه الهجمات منذ بدايتها ولا يعطي العدو اي فرصه للتقدم في اتجاهنا على الإطلاق واستمرت هذه الهجمات حتى الرابعه من بعد ظهر اليوم الي ان يأس العدو وانسحب من أمامنا فقرر قائدي العظيم التقدم شرقا للاستيلاء على مركز قياده العدو

واستدعاني وكلف سريتي بمهاجمه المبنى الجنوبي لمركز القياده (مبنى العمليات) وكلف زميلي النقيب مصطفى رمضان قائد السريه الثالثه من الكتيبه بمهاجمه المبنى الشمالي (المبنى الإداري) وحدد ميعاد التقدم شرقا للهجوم الساعه الخامسه مساءا الا ان ظهرت بعض المشاكل في كتيبه الدبابات التي كان من المفروض ان تشترك معنا في هذا الهجوم واستمرت هذه المشاكل تتواتر حتى التاسعه مساءا فقرر قائدي العظيم تنفيذ الهجوم بدون مشاركه الدبابات فيه.... وفي التاسعه والربع اتصل بي القائد لاسلكي يستدعيني الي مركز قياده الكتيبه فتركت سريتي تحت قياده الملازم شوقي عبد المنعم وتحركت في اتجاه قياده الكتيبه واثناء تحركي حدثت غاره جويه على مواقع الكتيبه كلها في منتهى الشراسه واستخدم العدو فيها كل الاسلحه المحرمه دوليا مثل قنابل النابالم وقنابل البلي والقنابل شديده الانفجار وبعد انتهائها استكملت مسيرتي الي قياده الكتيبه وأثناء سيري سمعت صوتا واهنا ينادي على بأسمي فتوجهت الي مصدر الصوت وياهول مارأيت.....

رأيت الرقيب مجند مستدعي محمد حمزه عبد الحميد من السريه الثانيه للكتيبه ملقي على جانبه الأيسر وأحد شظايا قنابل الغاره قد شقت بطنه وامعائه بكاملها خارج جسمه وملقاه بجانبه وهو يحاول إدخالها مره اخرى بداخل بطنه وهي مختلطه بالرمال والدم وعندما وصلت بالقرب من رأسه سألني بصوت واهن جدا هي اصابتي جامده فرددت عليه كاذبا لا ياحمزه بسيطه ان شاءالله فقال انا عطشان فكذبت عليه مره اخرى وقلت له انا زمزميتي فاضيه هاروح اجيب لك مياه لأنني اعلم ان إصابات البطن يمنع عنها المياه وتحركت خطوتين فقط ووقفت خلف رأسه ولا يستطيع قلمي وصف لكم مشاعري لحظتها فلقد انتابني شعوران يتصارعان بشده مع بعضهما الأول شعور مسؤليه التسبب في موته والثاني شعور الرحمه لان إصابته مميته فلماذا لا اعطيه اخر شربه ماء في حياته.. واخذ هذان الشعوران في التصارع حتى انتهى بانتصار شعور الرحمه وذهبت اليه وقلت له انا جبت زمزميه ميه اهي وارتكزت على ركبتي ورفعت رأسه عليها واخرجت زمزميتي وصببت المياه في فمه وانا أراها تدخل فمه وتسقط على الأرض مباشره.. بعدها رفع يده بما معناه انه استكفي وتمتم بصوت لايكاد يخرج من فمه فوضعت اذني على فمه لاتبين ماذا يقول فلم استطع سماع او تفسير هذه التمتمه الا كلمه واحده هي زمزم ونطقها على مرتين ثم فاضت روحه الي بارئها فأنزلته من على ركبتي ووضعته على الأرض واتصلت بالملازم شوقي وامرته بدفع ٣ جنود من السريه لدفنه وتعليم مكانه ونفذ هو ذلك على الفور... (نقلناه بعد انتهاء الحرب الي مقابر الجيش الثاني بالاسماعيليه)..

كان هذا المشهد رهيبا لم تحتمله اعصابي فجلست بجانبه وفرت من عيناي دموع كثيره لم استطيع السيطره عليها او ايقافها ليس حزنا على استشهاده فلقد أكرمه الله بذلك ولكن على فقد شخص كنت احبه واحترمه وبيننا موده كبيره اي نعم هو ليس من سريتي وبالرغم من ذلك كان مخلصا في مشاعره نحوي طوال مده خدمته بالكتيبه.....

(اعتذر عن الاسترسال لان المشهد قفز في عيناي الان)

انتظروني....

المجد لجيش مصر... وتحيا مصر الوطن..