في منتصف شهر يونيو عام ٧٣ صدرت لنا الاوامر بترك مواقعنا الدفاعيه لوحده اخري تحل محلنا ونتوجهه الي منطقه المحسمه والبعالوه لاجراء مشروع تكتيكي يشمل كل وحدات اللواء الرابع المشاه بالكامل في شهر اغسطس علي ان تستغل الفتره مابين توقيت الوصول وحتي توقيت المشروع في التدريب الانفرادي لجميع وحدات اللواء كل حسب تخصصه وذلك قبل التدريب المجمع واجراء المشروع....ونفذنا التعليمات ووصلنا الي المنطقه المحدده وكان لنا فيها معسكرا ثابت تقريبا نستقر فيه عندمانقوم بالتدريب في السنوات السابقه وكان المكان المحدد لسريتي هو الجانب الشرقي من معسكر الكتيبه وبعيد نسبيا عن باقي وحدات الكتيبه ...وانشأنا خيام ايواء الجنود في ارض مفتوحه وقام مساعد تعليم السريه بانشاء خيمتي علي ربوه مرتفعه قليلا عن باقي الخيام وفي مواجهتها كما تعودت دائما وعودتهم ان تكون السريه كلها تحت عيناي....

كان هناك جندي من سريتي اسمه احمد علي ماهر من احدي قري مركز ابو حماد محافظه الشرقيه من الجنود المفضلين لدي نظرا لانضباطه وكفاءته وادبه الجم وكذا علاقته المتميزه بزملاءه فلقد كان متيسرا ماديا وكان يعطف علي زملاءه من الجنود الفقراء سرا ولكني كنت اعلم ذلك وكان هذا الجندي طويلا وعريضا وذو لياقه بدنيه عاليه وحلو الحديث وكانت فيه ظاهره غريبه علي اشاهدها لاول مره في حياتي فلقد كانت عيناه خضراء نهارا وتتحولان الي اللون العسلي الفاتح ليلا مما زاده وسامه .....وفي العموم كان من الجنود المتميزين في السريه.....وفي احد الايام طلب مني ان يذهب الي عزبه المحسمه القريبه منا لشراء سجاير والتي نفذت من كانتين الكتيبه والسريه فاذنت له بذلك وذهب

................وهناك راها فسلبت منه قلبه وعقله وكما يقولون الحب من اول نظره فنسي الدنيا ومافيها وملئت عليه خياله وتبعها الي منزلها حتي عرف مكانه بداخل العزبه وعاد الي المعسكر قاصدا خيمتي يرجوني ان امنحه اجازه لمده ٢٤ ساعه ولما سألته عن سبب الحاحه في النزول حكي لي ما ينويه في ان يحضر اباه وامه ليخطبا له هذه الفتاه ثم قال كلاما كثيرا لوصف جمالها ولكن كانت له عباره وقفت عندها كثيرا عندما نطق بها وتعلقت في ذاكرتي حتي اليوم وهي يافندم دي طير من السما ربنا بعتهولي ولازم اصطاده قبل غيري...فضحكت من قوه التعبير واحترمت الحاله التي هو بها ومنحته تصريح باجازه لمده ٤٨ ساعه والتي في نهايتها حضر ودعاني لحضور عقد قرانه الذي قرره ابوه وامه الموجودان في منزل العروس عندما شاهداها واصرا عليه وان ذلك سيتم بعد صلاه العصر علي ان يتم الزفاف بعد انتهاء المشروع الذي سننفذه في شهر اغسطس....فوعدته بالحضور .

بعد صلاه العصر اشتريت صندوق بيبسي من كانتين الوحده واصطحبت ضباط السريه وبعض من زملاء الجندي احمد المقربين وذهبنا الي عزبه المحسمه وهناك كان في انتظارنا واصطحبنا الي منزل العروس والذي دخلناه وكان الفقر المدقع واضحا في اجنابه وفي من يعيشون بداخله وبعدما سلمنا علي الموجودين وجلسنا برهه ثم حضرت الفتاه ووقفت امامي وقمت لاسلم عليها..

هي فتاه في الرابعه عشره من عمرها ووحيده والديها اسمها فرحه ....هي اسم ووصف وحاله متفرده ...جمال رباني دخل مع الفقر المدقع الذي يعيش فيه فانتصروفاز عليه بالضربه القاضيه واسمها يصف جمالها فعندما تنظر اليها تتسلل الفرحه بداخلك وتسعدك.

( كفايه كده حتي لاارتكب اثم خائنه الاعين وماتخفي الصدور)

نظرت الي الجندي احمد وقلت له ده انت طلعت صياد محترف مبروك عليك وربنا يسعدكم وحضر المأذون وعقد القران وكنت احد شهود هذا العقد ثم اخرجت كل ماكان في جيوبي من نقود واعطيتها للفتاه كنقوط لها.....وانتظرنا بعض الوقت ثم انصرفنا........

في صباح اليوم التالي استدعيت الجندي احمد وابلغته بانني اسمح له بالتردد علب منزل عروسته في اي وقت يريده فيما عدا اوقات التدريب وكنت اعطيه عند ذهابه مايتوافر لدينا من زيادات في التعيين ليتناول غذاءه مع اهل عروسته وكان يذهب به ويعود سعيدا وانا سعيد بسعادته الي ان وقعت الواقعه...

انتظروني بشوق وشراسه

المجد لجيش مصر......وتحيا مصر الوطن