كانت حرب الاستنزاف بالرغم من قسوتها ودمويتها الشديده فرصه كبيره في توطيد العلاقات الإنسانيه والاجتماعيه بين الوحدات العسكريه التي تدافع عن مدينه الاسماعيليه ومنهم كتيبتي والاجهزه المختلفه سواءا العسكريه او شرطيه او حتى المواطنين المدنيين اللذين رفضوا التهجير واستمروا يقنطنون في منازلهم او محالهم التجاريه وكان قادتي العظام دائما ينمون هذه العلاقات ويقدمون مايستطيعون من خدمات لهذه الاجهزه وهؤلاء المواطنين.....

كانت فتره في منتهى الجمال والرقي والاحترام المتبادل والتعاون وانكار الذات فيما بين الكل...

أيامها كان قائد مكتب المخابرات الحربيه بالاسماعيليه هو المقدم محمد عفت لاعب الزمالك والمنتخب القومي والعسكري ونائبه كان الرائد حماده أمام الغنى عن التعريف وكان نائب قائد مكتب التحريات العسكريه هو النقيب... (الليوي) لاعب نادي المصري البورسعيدي وقلب دفاعه.....

وقفه صغيره:

النقيب الليوي (لااعرف اسمه كاملا) خريج معهد التربيه الرياضيه وبعد تخرجه اقتنصه المشير عبدالحكيم عامر ليضمه الي المنتخب العسكري بعد قضاؤه ٦شهور بالكليه الحربيه كما كان يفعل المشير عامر دائما في اقتناص الكفاءات وتخرج منها برتبه ملازم أول وانضم على الشرطه العسكريه ثم التحريات العسكريه ولعب ضمن المنتخب العسكري وفي نفس الوقت للنادي المصري البور سعيدي ....

هو شخص ضخم جدا طوله يبلغ اكثر من ١٩٠ سم وعريض وجسمه ورياضي جدا جدا وعضلات فخذيه وارجله بارزه كما تبرز عضلات (بيج رامي) والذي ظهر اخيرا وكان اهم مايميزه ان الشعر يغطي كامل جسمه حتى يتهيأ لك انه يرتدي فانله وبنطلون من الشعر وله شارب ضخم ووجهه ذو قسمات حاده جدا يخيف بها أي لاعب أمامه وشعر رأسه اسود فاحم وقصير ومكتكت...

كان هؤلاء الثلاثه أصدقاء لقائدي الحبيب المقدم اح سمير الحملاوي والذي كان في احيان كثيره يدعوهم للعشاء معنا في ميس ضباط الكتيبه وفي أحد المرات اقترحوا على قائدي الحبيب ان ينظم مباراه في كره القدم بين فريق الكتيبه وفريق اخر سيقومون بتشكيله من العاملين معهم وكذا المدنيين... وتم ذلك يوم ٢٤ سبتمبر عام ١٩٦٩....

وقفه بداخل الوقفه :

شكلت الكتيبه فريقا لكره القدم لهذه المباراه التاريخيه كنت احد أعضاءه للعب في الجناح الأيمن نظرا لسرعتي وكنت أيامها نحيفا جدا وكان النقيب الليوي هو قلب دفاع الفريق المنافس وبدأت المباراه وكان هؤلاء اللاعبين الكبار يلعبون معنا بأستهتار واستكبار وفي أحد اللعبات استقبلت الكره وجريت بها إلى المرمى فقابلني النقيب الليوي وصرخ في وجهي لاخافتي فلم اخاف وضحكت في وجهه ونجحت في تمرير الكره من بين ساقيه (هذه اللعبه تمثل اهانه للاعب الدفاع) ثم التقيتها من خلفه ومررتها الي زميلي مصطفى رمضان الذي أودعها في المرمى بسهوله شديده واحرزنا هدفا اضحك كل المشاهدين وبالذات لعبتي.... أما النقيب الليوي فجري خلفي بعد هذه اللعبه حتى تمكن مني واطبق بكف يده على رقبتي ورفعني به إلى أعلى حتى خيل لي أن حبل عشماوي التف حول عنقي وصرخ في وجهي انت ياصرصار تعمل معايا انا كده ثم انزلني على الأرض وطبطب على كتفي ضاحكا فرددت عليه ماهوعلشان انا صرصار عديت منك....

بعد هذه اللعبه وهذا الهدف طلبت الخروج من المباراه لأنني اكتفيت بهذه اللعبه ونجاحي في المرور من قلب دفاع الفريق القومي والعسكري ونادي المصري البور سعيدي. وبعد خروجي انتبه اللعبون الكبار الي خطوره موقفهم فلعبوا بجديه وهزمونا بتسعه أهداف مقابل اربعه....

ولم اقابل بعد ذلك النقيب الليوي على الإطلاق.....

انتهت الوقفه وداخلها الوقفه

في صباح اليوم التاسع لتواجد هؤلاء الضباع بحوزتي ذهبت بهم الي مكتب التحريات العسكريه واوقفت السياره خلف مبنى التحريات والذي كان أيامها يشغل فيلا ذات سور عالي مبنى بالطوب لايكشف ما بداخله وكان مكانه أمام نادي الضباط بوسط البلد وذهبت الي بوابته وطلبت مقابله قائد المكتب وعندما سمحوا لي بالدخول فتحت بابه فأذا بالمقدم الليوي بشحمه ولحمه هو قائد مكتب التحريات العسكريه بالاسماعيليه..

انتظروني بشوق وفرح

المجد لجيش مصر... وتحيا مصر الوطن....