في شهر رمضان من احد أعوام فتره ثمانينات القرن الماضي صدرت تعليمات لكتيبتي بالاشتراك في احتفالات القوات المسلحه بنصر أكتوبر وذلك من خلال اصطفاف ثابت لجميع الاسلحه الامريكيه المسلحه بها الكتيبه ومكان هذا الاصطفاف على طريق النصر وأمام المنصه التي تم فيها اغتيال الرئيس السادات وتحدد بهذه التعليمات توقيت الاصطفاف لهذا الاحتفال وكذا باقي التعليمات الخاصه به وقبل توقيت الاصطفاف بثلاثه ايام استلمت اشاره تفيد بضروه تواجد جميع قاده الكتائب المشتركين في هذا الاحتفال سعت ١١٠٠ بالمنصه لاستلام اخر التعليمات والتلقين النهائي بمعرفه هذا القائد....

في التوقيت المحدد وصلت إلى المنصه وكعادتي دائما جلست في آخر صف حتى استطيع احتواء كل ما يحدث من مشاهد واحداث هذا اللقاء وبعد برهه حضر ضابط من مكتب مخابرات القاهره وحياني لمعرفتي به وجلس بجانبي...

في الساعه الثانيه عشره ونصف وبعد تأخر ساعه ونصف عن الميعاد المحدد تناهي الي الاسماع سارينه موكب هذا القائد وبدأت حواسي كلها تتركز مع هذه السارينه ثم وصل موكب هذا القائد تتقدمه عربه شرطه عسكريه ثم عربته التي يرفرف عليها علم قيادته..

ملحوظه: لكل قائد علم خاص بوظيفته يرفع على عربته او أمام مكتبه في حاله وجوده بداخل وحدته...

وخلف عربه هذا القائد عربه أخرى تحمل طاقم حراسته ووقفت العربه أمام المنصه ونزل منها هذا القائد مرتديا اوفارول جديد تماما ومكوي بعنايه شديده وحذاء يلمع كالمرأه وكان منتفش الريش كالديك الرومي وكان يمسك بين أصابع يده اليمني سيجار هافانا اكس... اكس... اكس لارج ووقف أمامنا بدأ يلقى بتعليمات بدون مقدمات او ترحيب بحضورنا او اعتذار عن تأخيره وكان كل فتره يرفع السيجار على فمه ويسحب منه نفس ويطلق دخانه في وجوه الحاضرين وهم صيام اللذين بدأوا في التأفف بطريقتنا نحن العسكريين....!!!!!!

ملحوظه: نحن العسكريين لدينا طرق كثيره للتأفف صامته ولا تحتاج إلى أي صوت أو كلام او بعباره أخرى الصمت المنطوق...

شعر ضابط أمن هذا القائد وكان برتبه العقيد بذلك التأفف الذي كان يبديه الحضور فقام من مكانه وكان يجلس في أول صف وذهب حيث يقف هذا القائد وهمس في اذنه بكلام غير مسموع لنا والذي بدأ وجهه يزداد في الاحمرار أثناء سماعه لهذا الهمس ثم انفجر قائلا لهذا العقيد..........

انا اعمل اللي انا عايزه.... انا مافيش حد يقول لي تعمل ايه وماتعملش ايه.... انت مين علشان تقول لي الكلام ده..... انت عايز تعمل بطل على حسابي.... امشي من قدامي وحسابك بعدين...

فانصرف هذا العقيد وجلس في مكانه منكسرا....!!!!!!

ونكايه فينا جميعا اخذ هذا القائد نفسا طويلا من السيجار وقبل ان يخرجه من فمه خرجت روحه وسقط على الأرض ميتا.....

(انتظروني بدون هدوء او توتر.. )

المجد لجيش مصر... وتحيا مصر الوطن..