في احد ايام شتاء عام ٦٨ كنت بمنطقه الشئون الاداريه لكتيبتي الموجوده في استاد هيئه قناه السويس بالاسماعيليه لصرف ذخيره استهلكت في احد الاشتباكات مع العدو....وشاء الحظ ان تصل دفعه جنود متطوعين ويقفون امام مكتب مساعد تعليم الكتيبه تمهيدا لعرضهم علي القائد..فذهبت اليهم ووقفت امام احدهم وادرت معه نقاشا اعجبني ردوده علي ...فأختطفته....وذهبت به الي قائدي الحبيب المقدم/سمير الحملاوي وطلبت منه ان يتم توزيع هذا الجندي علي سريتي.....فلبي طلبي.....

هو الجندي/سعد عبد الحميد عبد المقصود الذي ارتبطت خدمتي معه ارتباطا وثيقا نادرا مايحدث ...ولعل الاقدار هي التي كتبت ذلك.

خاض معي حرب الاستنزاف كامله وكان مثالا للشجاعه وانكار الذات والقدره الفائقه علي التصرف في المواقف الحرجه...وخاض معي حرب٧٣المجيده وكان ايضا مثالا لضابط الصف الذي يجيد مهامه وينفذها بحرفيه شديده لم اراه لحظه واحده خائفا او مترددا او متقاعسا عن موقف او تصرف اومهمه كلف بها...وبعد انتهاء الحرب استمر في الخدمه معي لمده عشرون عاما كامله ثم افترقنا لمده سنتين ثم عدنا للخدمه معا بمدرسه الاسلحه لمده سبعه سنوات اخري وكان قد وصل الي رتبه مساعد اول ...كانت الخدمه معه ممتعه فلقد كان يفهمني بنظرات العين ويفهم ماانوي عمله بمجرد اول كلمه اذكرها له وينفذ الامر كما اريد...ولاء نادر...واخلاص شديد ...وموده صادقه...كان الكل يعلم مدي محبتي له ولذلك كنت اقسو عليه في بعض الاحيان حتي لايظن الاخرين انني احابيه...وكان هو يفهم ذلك ويصبر ويتقبله بنفس راضيه. وتركته الي المعاش ونقل هو الاخر عندما ترقي الي رتبه الملازم شرف ليكون بالقرب من موطنه وجذوره بقريه الكوادي ..منوفيه حيث عمل مشرفا علي استراحات قياده المنطقه المركزيه بالقناطر الخيريه وفجأه اصابه المرض اللعين ولم يمهله طويلا وتوفي منذ سبعه سنوات وهو برتبه ملازم اول شرف...

مساء امس حلمت به يأتيني ويهمس في اذني (انا فين من اللي بتكتبه) فقررت اليوم الكتابه عنه ولعل همسه هذا هو من امرني بالكتابه ولعل الله عز وجل سخرني لاستجدي. منكم الرحمات له فلقد كان مخلصا...شريفا..امينا..صادقا...

الله يرحمك ياسعد ياعبد الحميد

تحيا مصر الوطن....