قبل حرب ٧٣ كان احد ضباطي المتميزين هو الملازم اول/ سعيد عبد الوهاب امام والذي سحبه مني قائدي العظيم في شهر اغسطس عام ٧٣ ليوليه وظيفه ضابط استطلاع الكتيبه

هو من قريه مشتهر مركز طوخ قليوبيه وكان والده هو عمده القريه.....

استشهد الملازم اول/ سعيد يوم الجمعه الموافق ١٢ اكتوبر نتيجه قصف جوي علي مركز قياده الكتيبه حيث مكانه بالقرب من القائد وصدمني ذلك حيث كانت بيننا صداقه ومحبه وموده واحترام وقرب بيننا كبير...وعاهدت نفسي علي الاخلاص لذكراه ماحييت..وظللت لمده سبعه عشر عاما حريصا علي زياره قبره في بلدته حيث نقلنا جثمانه اليها ودفناه في مقابر عائلته(كتبت ذلك في بوست رائحه المسك) وكان برنامجي في زيارته ان اصل الي منزله بالقريه وادق علي الباب فيفتح لي من يفتح واخذ منه مفتاح المقبره واذهب اليها واستدعي احد المشايخ لقراءه القران الكريم وامكث لمده ساعتين ثم اعود الي منزله واسلمهم المفتاح واغادر الي القاهره وبدون ان ادخل المنزل مطلقا....

في العام الثامن عشر علي وفاته ذهبت كالمعتاد ففتح لي والده الحاج عبد الوهاب امام الباب وما ان رأني حتي بادرني بقوله...مش هاديك المفتاح وارجع مصر وماتجيش هنا تاني...!!!!!!!!!

صدمتني تلك الكلمات وذهلت حتي انني لم استطيع الرد عليه وعقد لساني ....كظمت غيظي ورجعت للقاهره واقسم بالله انني ظللت اكثر من شهر لااستطيع النوم من شده الغيظ والقهر الذي عانيته ولم اخبر احد من زملائي بذلك الموقف ....

كان قائدي العظيم ايامها منتدبا في الامارات وفي احد اتصالاته المستمره بي وهو هناك حكيت له ماحدث فسكت برهه ثم غير مجري الحديث قائلا انا نازل كمان شهر وهانبقي نتكلم في هذا الموضوع وفعلت قبل نزوله بيوم اتصل بي وابلغني بميعاد نزوله وتوقيته ورقم رحله الطيران وذهبت لاستقباله وكانت القوات المسلحه قد ارسلت له عربه لتوصيله لمنزله فرفض الركوب بها وركب معي عربتي الميري.. واثناء سيرنا قال لي بالنسبه لموضوع والد الشهيد سعيد........

هو عنده حق..!!!!! ربنا سبحانه وتعالي خلق لينا نعمه معظم الناس مش واخد باله منها..هي نعمه النسيان...نعمه النسيان دى نعمه كبيره لان كل واحد منا تعرض لما يؤلمه واستمر بدون نسيان هايموت كمدا.. وانت كنت بتفكره دايما بأبنه اللي كان حاطط كل امله عليه وكمان علشان كان الشهيد اصغر اولاده..وهو كان كل مايحاول ينسي بتيجي انت وتفكره بيه. معلش اعذره وسامحه اولا علشان هو راجل كبير في مقام والدك وثانيا لانه اب ..ومتنساش موت الابن في حياه والده بتكسره.....معلش حقك عليا انا....

نزلت علي هذه الكلمات البسيطه والتفهم العميق لموقف والد الشهيد من قائدي العظيم نزول الماء علي النار وشعرت لحظتها بهدوء وسكينه بداخلي لا توصف....

وتمر الايام وبعد سنتين من هذا الموقف فوجئت باتصال هاتفي من شقيق الشهيد الاكبر يبلغني فيه بان والد الشهيد الحاج عبد الوهاب امام علي فراش الموت ويريد ان يراني...فسافرت اليه فورا ودخلت عليه وشعرت لحظتها بشبح الموت يطوف حولنا..وبادرني الحاج عبد الوهاب قائلا..سامحني ياابني علي ماقلته لك علشان كان نفسي انسي خسارتي لابني سعيد وكان حضورك دايما بيفكرني بيه....معلش ماتزعلش مني وحقك عليا....بعدها بيومين توفي الي رحمه الله....

الله عليك ياقائدي العظيم اللواء /_رجب عثمان ...

طبت ياسيدي.....وطابت ايامك في الدنيا والتي كانت انسانيتك تطغي دائما علي افعالك واقوالك ......

اللهم ارحمه واغفر له وادخله مدخل صدق..اللهم امين

المجد لجيش مصر...وتحيا مصر الوطن...