مأساه بكامل المعني والمقاييس..هو رجل علي باب الله يعمل لدي ورشه لتبيض النحاس ومتزوج وله خمسه اولاد كان الكبير يعمل في ورشه نجاره بالدرب الاحمر وفي احد الايام دهسه الترام ومات وبعدها بفتره وجيزه انهار المنزل الذي تقيم فيه اسرته في حي الخرنفش الملاصق لحي سيدنا الحسين ومات كل من فيه وفقد في هذا الحادث زوجته وامه الضريره واربعه اولاد منهم بنتان صغيرتان لم يتعدا الخامسه والسادسه من العمى واصبح هو وحيدا في الدنيا وليس له محل اقامه وينام بالشارع....!!!!! اخبرني بذلك بعد الحاح شديد مني ثم دخل في نوبه بكاء مرير تفلق الحجر تعجب لها كل الموجودين بالمطعم.ودخلتهم الريبه في حيث ان هناك فرق كبير بين مظهره ومظهري ..وبعد محاولات مضنيه مني هدأ وحضر الطعام واكلنا ثم اصطحبته الي شارع المغربلين واشتريت له جلباب جديد وطاقم داخلي وبلغه (قد لايعرفها الكثير من الاصدقاء لابسي الكوتشي ماركات.......وهي مداس جلدي للقدمين.)...وعدنا للمقهي لاستكمال سهرتي.

وبمجرددخولي المقهي انتحيت جانبا بصديقي صاحب المقهي. واتفقت معه علي محاوله العثور له علي غرفه في اي منزل وسأقوم انا بدفع ايجارها والي ذلك الحين يسمح له بالمبيت في المقهي..ووافق الرجل الشهم ابن البلد الاصيل علي ذلك واخبرت الرجل بما تم الاتفاق عليه مع صاحب المقهي فحاول تقبيل يديه فرفض الرجل بأصرار ثم اعطيته ماتيسر لي اعطاؤه واخبرته بانني سأسافر غدا وان شاء الله لو كتب لي عمر فسأحضر له في ألاجازه القادمه لاطمئن عليه.

وسافرت الي الجبهه وظل هذا الموضوع يشغل حيزا كبيرا من تفكيري طوال وجودي بالجبهه الي ان نزلت اجازه مره اخري...

في اول يوم لي توجهت الي حي الخرنفش وسألت عن العنوان الذي كان قد اعطاه لي وفعلا وجدت منزلا منهارا واخبرني الجيران بما حدث وبقصه هذا الرجل...فتأكدت مما قاله لي ثم توجهت الي المقهي وقابلت صاحبه والذي اخبرني بانه وجد غرفه بأيجار ١٥٠قرشا في الشهر ونقله اليها ومنحه بعض الاثاث القديم لديه...ولما سألته عنه اخبرني بانه سمح له بالعمل لديه في الورديه الليليه وسيحضر في السادسه مساءا..

في المساء توجهت للمقهي وجلست مع صاحبه وبعد قليل حضر شخص سلم علي بحراره شديده وانا لا اعرفه فأخبرني صاحب المقهي بانه عفيفي النحاس وكان هو اسمه فوجدته رجلا وسيما ومرتديا ملابس نظيفه وبدون ذقن والتي كانت تخفي ملامحه.وتجعله يبدوا اكبر من سنه بكثير ...المهم استمر هذا الوضع لفتره من الزمن وكنت كلما نزلت اجازه امر علي المقهي لاطمئن عليه وفي بدايه عام ٧٠ توجهت في احد الاجازات الي المقهي فلم اجده ولما سألت صاحب المقهي عنه اخبرني بأنه توفي !!!!!

هكذا هو مجتمعنا الجميل.. وهكذا نحنو عليه

تحيا مصر الوطن....