في عام 92 كنت برتبه عميد واتولي وظيفه قائد مركز تدريب اساسي يعتبر ثاني اكبر مركز تدريب علي مستوي القوات المسلحه من حيث طاقه استيعابه للجنود المستجدين..وكان هذا المركز به من الامكانيات الضخمه والكثيره في كل التخصصات ما يفوق امكانيات فرقه مشاه ولذلك اعطوني سلطات قائد فرقه في التصرف سواء في المكافئات او الجزاءات.ومنذ اول يوم خدمه لي حرصت بشده ودائما علي امرين مهمين الاول هوحضور ومراقبه توزيع التعين للثلاثه وجبات التي تقدم للجنود بداخل الميس المجمع لهم واظل واقفا حتي ينتهون من الاكل...والثاني هو ان اتواجد اثناء زياره المستجدين وسط اهاليهم ومعي ضباطي بالكامل وذلك لبث روح الطمانينه في نفوسهم علي اولادهم الموجودين عندي بالمركز....

في احد الايام وانا امر وسط الناس وجدت سيده مسنه تجاوزت السبعين من العمر جالسه علي الارض وفارده رجلها اليمين امامها والتي كانت مربوطه برباط شاش متسخ بشده ولونه لون التراب ويجلس معها احد الجنود المستجدين فذهبت اليها وقلت لها... اهلا بيكي ياحاجه سلامتك وسلامه رجلك ..خير مالها..؟؟ فاجابتني والله يابني رجلي اتحرقت من وابور الجاز..وقامت بفك الرباط الشاش لتاكيد كلامها وما ان فكته حتي انبعثت رائحه كريهه من الجرح ووجدت عليه طبقه كثيفه من القيح تعني بدايه غرغرينا!!!!فقلت لها ازاي ياحاجه تسيبي الجرح كده..؟؟ فنظرت الي الارض وقالت بصوت هامس..يابني العين بصيره والايد قصيره..!!

هزني المنظر والكلام الذي قالته فاستدعيت احد اطباء المركز اعلم كفاءته جيدا وامرته بأخذ هذه السيده الي عياده المركز وكشط هذا القيح من الجرح وتطهيره جيدا واعطائها الدواء الذي يكفي مده علاجه بالكامل مع افهامها طريقه استخدامه ولكم ان تتخيلوا ان هذه السيده ذهبت الي العياده وهي لى تكاد تستطيع وضع رجلها علي الارض وعادت وهي سائره علي قدميها..!!! سالتهاعن تفهمها لطريقه استخدام الادويه الني اخذتها وتاكدت من ذلك ثم امرت لها بوجبه غذاء كامله تكفي افراد اسرتها بالكامل من الزيادات الموجوده بمطبخ المركز واستدعيت سائق عربتي وامرته بتوصيل هذه السيده الي اقرب مواصله حيث كانت المسافه بعيده بين المركز والعمران........

في صباح اليوم التالي حضر طرفي قائد مكتب المخابرات الحربيه التابعين له وكنت اعرفه واعرف اصله الطيب واخلاقه الحسنه ومد يده لي بورقه مطويه قائلا لي من فضلك يافندم اقرا اللي في الورقه دي..!!!وفتحت الورقه ودققت كثيرا في الخط والحروف وطريقه الكتابه واختزنته في الذاكره...!! فاذا بها بلاغ يتهمني بتوزيع الادويه والتعينات المخصصه للقوات المسلحه علي المدنيين علاوه علي سماحي لهم بركوب العربات الميري...ضحكت وقلت لضابط المخابرات نعم هذا حدث وشرحت له الموقف بالتفصيل الامر الذي جعله يسحب الورقه من امامي ويمزقها وينصرف.

وبعدها وبطريقتي ظللت لمده اربعه اشهر كامله انقب وابحث واتحري حتي نجحت في وضع يدي علي كاتب البلاغ وبطريقتي ايضا اعترف امامي بما فعله...وبمجرد اعترافه اخرجت كبده باظافري واكلته.........!!!!!!!!!!!!!

هكذا يكون البر والوفاء لابناء الوطن وهكذا نعاقب كل حاقد خسيس...

تحيا مصر الوطن...