هو فلاح نبت من طين هذا الوطن فأكتسب اصالته وصلابته وعزته وشموخه......

هو الفلاح محمد ابو حزين الذي لم يحظي بقدر من التعليم سوي انه يفك الخط ولكنه يحفظ القران الكريم كاملا ويحمل بين جنباته انتماء ووطنيه تفوق الكثير وعندما يتحدث معك تشعر ان حواسه بكاملها تتحدث معه ويعبر عن ذلك الانتماء بكلمات فطريه شديده الصدق...

تعرفت عليه في اوائل عام ١٩٧١ في احد مرات التردد علي معسكر التدريب لنا بمنطقه البعالوه التابعه لمدينه المحسمه والتي تقع علي طريق مصر الاسماعيليه الزراعي وكنت ايامها اتولي وظيفه رئيس شؤون اداريه الكتيبه وتحدد لي مكان التمركز لي بالقرب من منزله الريفي

هو اب لقبيله من الاولاد بنت واحده( فايزه) فائقه الجمال وكان عمرها ايامها تسعه سنوات وهي البكريه له ثم سبعه اولاد ذكور اصغر واحد فيهم مايزال يرضع من ثدي امه وكل هذه القبيله تسكن في بيت مبني بالطوب اللبن مكون من غرفتين الاولي واسعه جدا ينام فيها الاولاد واخري صغيره له ولزوجته وبجوار هذا المنزل وعلي مسافه منه مبني اخر متهدم وذهبت اليه استأذنه في استلام هذا المبني منه لاستغله كمخازن الذخيره والتعينات بعدما يتم ترميمه بمعرفتي وبدون تردد وعلي الفور ابلغني بموافقته قائلا ده انا اللي هارممه ليكم ولو عايزين تجندوني معاكم انا جاهز.....

وعندما اخبرت قائدي العظيم بما انتويت فعله وعن هذه الاسره امرني بعمل حسابه هو واسرته في يوميه تعين الكتيبه وان يكون نصيب الصغير منهم لايقل عن نصيب الكبير طوال مده وجودنا في المنطقه وكان من الممتع لي ان اشاهد اولاده الصغار وهم يقفون في طابور صرف التعين في منتهي الانضباط والانتظام ويسيطر عليهم اخوهم الاكبر.

وفي احد الايام وجدته يأتي لي حاملا سيفا يعلوه الصدأ ذاكرا لي انه لجده والذي اشترك به في معركه التل الكبير مع جنود احمد عرابي ضد الانجليز ويريد اهداءه لي فرفضت ذاكرا له ان هذا السيف ميراث شرف لك ولاولادك من بعدك وشكرته علي تلك المشاعر الطيبه.......

كان دائما وابدا يلبي طلباتنا عند ذهابه الي مدينه القصاصين او التل الكبير ويرفض رفضا قاطعا ان يأخذ مليما واحدا كأجر لمواصلاته....

وهكذا مرت الايام معه كلها موده ومحبه خالصه لوجهه الله والوطن وعندما غادرنا معسكر التدريب اهديت له طلبمه مياه كنت قد انشأتها في منطقه الشئون الاداريه بالقرب من منزله وذلك لتوفير عربه المياه للكتيبه......

بعدما غادرنا بفتره قصيره علمت انه توفي في حادث طريق فقررت كفاله اولاده بما استطيع وساعدني في ذلك قائدي العظيم ومكنني الله عز وجل من ذلك.......وتمر الايام والسنين وعندما يحين دور احد اولاده في التجنيد يحضر لي واقوم بعمل اللازم له بمساعده العميد محمد عبدالله وحش احد قادتي المحترمين والذي كان يشغل وظيفه قائد منطقه تجنيد الزقازيق ايامها......

وتمر الايام والسنين ايضا والتي اكلتني بعدما اطمئننت علي هذه الاسره لمده ١٥سنه الي ان هفو علي خاطري فذهبت في عيد الاضحي قبل الماضي اليهم فلم استطيع التعرف علي منزلهم فلقد ازيل واصبح مكانه عمارات بالطوب الاحمر وبكثافه شديده فذهبت الي عمده المنطقه واذا به هو اصغر اولاده والذي كان يرضع ايامها....والذي لم يعرفني!!!

والي روح محمد ابو حزين اقول طبت مقاما حيثما انت فلقد كانت وطنيتك وانتمائك لوطنك حافزا لنا في حرب التحرير لسيناء لاننا نقدر قيمه طين هذا الوطن الذي نبت انت منه..... .

المجد لجيش مصر.....وتحيا مصر الوطن