الأول صوفيٌّ مجنون،
يدخل الجنة من شقّ جرح،
ويخرج منها ليكتب قصيدة.
والآخر ناسكٌ بارد،
يجلس في الظلّ،
يحسب النور بالمسطرة،
ويضع للدهشة تعريفًا.
والثاني فيه نارٌ تسجد،
وظلٌّ يتكلّم باسم الله.
فيه وجهٌ يرقص في لهب العشق،
ووجهٌ آخر يطفئ نوره بالكتابة.
واحد يثمل من النور،
ويغمس يديه في المجاز حتى يصير هو القصيدة.
والآخر يكتب بعيونه مغمضة،
كأنّ الحرف يختبئ في الغيب،
يخشى أن يراه أحد.
وفيه واحدٌ يكذب في الليل،
ويُصلي في النهار صلاةَ المجاز،
يضع على لسانه تراتيل الحنين،
ويخفي خلف قلبه حربًا لا تُرى.
الأول قدّيسٌ تهيم،
يمشي على الحروف كمن يصلي،
ويضحك حتى البكاء.
والثاني متمرّد،
يجرّح اللغة لتنزف المعنى،
ويكفر بالقافية كما يكفر العارف بالظاهر.
في فمه لسانان:
أحدهما يبارك الخلق بالحب،
والآخر يلعنهم بالعقل.
واحد يكتب اسمي على جدار القلب،
والآخر يمسحه كلما سكنت النبضة.
وجهٌ يعشق الثرثرة،
ويكفر بالسِحر وقت السَحر،
كأنّ الكلامَ لعنة،
وكأنّ الصمتَ خلاصٌ لا يُطاق.
وجهٌ يرى في الحبِّ وجهَ الله،
ووجهٌ يرى ذاته مرآةً لكلّ ظلٍّ مضيء.
يا له من شاعرٍ بوجهين،
يؤمن بالحبّ كدينٍ خامس،
ويكفر به حين تمطر القصيدة.
أحدهما يحترق ليُبصر،
والآخر يُبصر ليحترق.
أحدهما يكتب الله،
والآخر يكتب عن غيابه.
فيه نار المعرفة،
وظلّ الشهوة،
وصوتان يتنازعان الجسد:
واحد يقول “أنا”،
والآخر يهمس “هو”.
وحين يسكتان معًا،
يولد الشعر…
وجهًا ثالثًا
يشبه الحقيقة حين تتجلّى






































