أيها الشاعر،
هل عرفت يومًا أن تتلمس رائحة زمنٍ ضائع،
مخضب بعرق الذكريات،
ملتصق بخيط الشمس على صدر الغرفة؟
هل شعرت بأن الماضي يتسلّل بين أصابعك،
يمتزج مع أنفاسك،
ويترك على قلبك ندوبًا من نور وظل؟
هل شعرت بمسك الفتنة،
يتسلّل بين الأصابع،
يمتزج مع صمتك،
يحملك بعيدًا عن الحاضر،
حيث تتفتح الزهور في ذاكرة العاشق،
فتصبح كل خفقة قلب إيقاعًا لشيء لم يولد بعد؟
كل نفسٍ يتطاير في الهواء،
كل شفةٍ تلمس ذكرى لم تعرف بعد،
كل ظل يختبئ بين الجدران القديمة،
يحمل عبيرًا يحرق الروح بلطفه ويوقظها بشغفها.
من شعرها الكثّ المطواع،
ينساب عبيرها كالنسيم على جدران الكنيسة القديمة،
تدور حولك الأشباح،
وترقص مع دخان البخور الذي يرفع أهدابك،
ويشعل في روحك صراعًا بين الرغبة والسكينة،
بين الحنين إلى ما كان وما سيكون،
بين السكون الذي يخفف الألم،
واللهيب الذي يذكّرك بأنك حيّ حتى في الصمت.
ثيابها الحريرية المخملية،
المشبعة بالنور الطاهر للشباب،
تتحد مع الفراء،
فتصبح الرائحة لغةً لا تُفهم إلا بالدموع،
ولحنًا لا يسمعه إلا من يعرف أن يسكر بماضيه المتجدد في الحاضر،
فتغدو الذكريات جسدًا يلمس جسدك،
ويغمر المكان بقداسة متوهجة،
ويترك في كل زاوية أثرًا من ضوء،
من حرارة، من شهوة لا تنتهي،
كما لو أن الغرفة كلها صارت قلبًا نابضًا،
تتأرجح على إيقاع الهواء والظل والدخان.
أيها الشاعر،
إذا كان العطر حكاية،
فلتكن أنفاسك صفحاتها،
ولتصبح مشاعرك المبخرة،
تتقدّس في قلبك،
حتى يغدو الحاضر كله طقسًا،
والغرفة كلها كنيسة،
والعاشق كله مذبحًا،
والكل يختزل في لحظة واحدة،
في نفس واحدة،
في رائحة واحدة تتلوها خفقات العاشقين،
فتصير اللحظة أبدية، والهواء مقدّسًا،
والذكرى احتفالًا بالحياة الممزقة بين الحاضر والماضي.
خذها أيها الشاعر،
احتضنها كما يحتضن الليل نجومه،
ودعها تسري في دمك،
تتسلل إلى شعرك، إلى شعورك، إلى صمتك،
حتى تصبح كل غرفة كنيسة،
وكل رائحة مذبحًا،
وكل قلب عاشق نصًا يكتبه هو على صفحات الزمن،
ويصبح هو الحكاية، والعطر، والفتنة، والذكرى كلها في آن







































