ربما أربكها وجودي،
كما يُربك الضوءُ عتمةً لم تعتد الانكشاف.
لا أدري ما ماهيّة الأفراد…
نتعرّف عبر مفردات القول،
لكن الشك بدأ يساورني في مقولة: "تكلّم حتى أراك".
كيف لبوحٍ أن يكشف معادن الرجال؟
ليست الكلمات وحدها مِرآة،
بل العلاقات: أخذٌ وعطاء، مرونة، تعاون، ووضوح فكر.
كيف لي أن أدرك دهاليز غيرتك على صغيرك؟
أليست كتابات الراوي امتدادًا لروحه وبنان فكره؟
أنا فقط أحببت صغارك،
أحببت فيهم حُسن غرسك،
تهذيبك في القول،
وصفاء روحك في السلوك.
شعرت أنني منك،
كأن فتاتك نشأت في كنفك،
وإلا فكيف يكون هذا التطابق الحسّي
في تذوّق الحرف واصطفاف المشاعر؟
ظننت أن تلاقي الأرواح يكفي.
عزيزتي، لست أكتب ليُقال "كاتبة"،
ولا لأحلّق في سماء البلاغة،
أنا أكتبني… أتحسس أوتار قلبي.
لست قارئة نهمة،
ولا أكذبك حين أقول
إنني حرّمت على نفسي النظر لغير كتاب الله.
أظنّه حقا وصدقا "الحرف الشريف الوحيد"،
لكن "اقرأ" – أمر الله – أيقظني.
ولأول مرة، شعرت بقلبي يطوف همسك.
كنت أتناقش معك في جمال ما وصلني من قولك.
ظننتك ملاكًا حطّ على أرض البشر،
هكذا تعلنها سطورك.
ونسيتُ – أو تناسيتُ –
أن طبع ابن آدم يغلب روحه.
لا بأس… كوني في حفظ الله.
لتكن قلعتك سماءك وأرضك.
اسقِ وردك،
ولستُ بحمُولٍ أو هلوكٍ غرسك.
كنت فقط مغرمة،
وقعتُ في هوى كلمِك.
لكنني لا أحتمل فيكِ
ظنّ الحُطمة:
من يمضي دون تفسير،
ويتخلى دون عتاب،
يجيد فنّ الركض والترك؛
فنّ لا يُحبني،
ولا يرضاه قلبي.
لك مني السلام،
أينما ارتحتِ،
وإن نمتَ على غيمٍ،
فلن أدعو لك سوى أن يكون رقيقًا كحُلمي بك.