حين تمرّ العين على آية:
"لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا"،
قد يظنّها البعض وعدًا بالنصر، أو مخرجًا من ضيق،
لكنّها قبل كل شيء كانت يدًا تُربّت على قلبٍ خائف،
في لحظةِ غربةٍ وظلمةٍ وانقطاع،
حين ضاقت الأرض، واشتد الطلب، وتلاشت الحيلة.
لكن ما إن يسكن المعنى في القلب،
حتى يتسلّل سؤالٌ آخر، حادٌّ في هدوئه:
ماذا إن لم يكن هناك "صاحب" يُربّت؟
ماذا إن غاب الرفيق، وخذلك القريب، وانقلبت الرفقة إلى سرابٍ يعكس وحدتك؟
ماذا لو غدوتَ وحدك في هذا الكون الفسيح،
بما رحُب من عبادٍ أحياء وأموات،
وحتى الدواب أفاضت بك الأرض؟
من يبقى لك إذًا؟
يا صاحبي،
حين كنت أسبح في ملكوت آيات الله،
استوقفني هذا النداء الخالد،
واكتشفت أن القرآن، وإن خوطبت به الأمم،
فهو في حقيقته حديثٌ للنفس أولًا…
يسكن روعها، ويواسي غربتها، ويهديها سواء السبيل.
فإن لم أجد في الخارج يدًا تُربّت،
فلأمدّ يدي إلى الداخل…
فلمَ لا أصاحب نفسي؟
أربّتُ عليها وقت الحزن والفرح،
أطبطب على جنونها، وأهذّب غضبها،
وأناجي معها ملكوت الله، وسَعَةَ عرشه.
يا صاحب الوحدة… لك نفس.
يا رفيق الدمع… لك نفس.
يا نزِق الفكر… لك نفس.
صاحِبْها،
خذ بيدها،
لا تكن لها كغيرك،
هي منك، وأنت منها.
ليست الآية محصورة في موقف غارٍ بعيد،
بل هي حياة كاملة.
و"صاحبك" الأول الذي ينبغي أن يبقى… هو أنت.
عند كل فلقة صباح،
عند كل اغتراب شمس،
في النور، وفي العتمة…
قُل لها:
لا تَحزني… إن الله معنا